الصيـن واليـابـان وتحـطيـم السـفيـنـة
المؤلف:
د . فريد النجـار
المصدر:
الحروب التجارية المعاصرة
الجزء والصفحة:
ص261- 262
2025-07-23
302
الصين واليابان وتحطيم السفينة:
رغم أن الصين تعتبر من أهم الشركاء التجاريين لليابان فإن المصالح الاقتصادية هي التي تحكم العلاقات الاقتصادية للدول فى النهاية، وهو ما برز بصورة واضحة خلال الشهور القليلة الماضية عندما قامت اليابان في إبريل 2001 بفرض رسوم جمركية تصل نسبتها إلى حوالى 266% على وارداتها من البصل وعيش الغراب والقش المستخدم في صناعة الحصير، المستوردة من الصين.
وقد جاء هذا القرار الياباني في محاولة لحماية منتجاتها المحلية المماثلة، ولم تعر الصين هذا الموضوع اهتماماً، لأنها ترى أن حجم صادراتها من هذه المنتجات إلى اليابان لا يتجاوز بعض الملايين من الدولارات، وهو مبلغ صغير بالنسبة لحجم التبادل التجاري بين اليابان والصين، والذي يصل إلى حوالي 28.6 مليار دولار خلال الشهور الأربعة الأولى فقط من عام 2001.
ولكن مؤخراً قررت اليابان منع استيراد الطيور من الصين، وذلك بحجة اكتشاف إصابات بمرض "إنفلونزا الدجاج " في مزارع الطيور والبط الصيني، وقد كان هذا القرار بمثابة الشرارة التي اشعلت النيران؛ حيث اعتقد الصينيون أن اليابان ينفذ خطة غير معلنة لتقليل حجم الصادرات الصينية إلى أسواقه، وقد عزز هذا الاعتقاد الأصوات التي ارتفعت مؤخراً في اليابان تنادى بتقليل الواردات من الصين.
وبناء على ذلك قامت الصين باتخاذ إجراءات تجارية ثأرية ضد اليابان؛ حيث أعلنت في 19 يونيو 2001 فرض رسوم جمركية مشددة على الواردات من اليابان من السيارات واجهزة التكييف والثلاجات وأجهزة التليفون المحمول، وقد وصلت الرسوم الجمركية التي فرضتها الصين على هذه الواردات إلى حوالي 100%، والتي كانت قبل القرار تتراوح بين 12 - 80%.
وقد وقع هذا القرار على اليابانيين وقع الصاعقة؛ لأن هذا القرار سيلحق ضرراً بالصادرات اليابانية من هذه السلع؛ حيث يشمل القرار 25 نوعا من السيارات و7 طرازات من أجهزة التكييف وجميع أنواع أجهزة التليفون المحمول، وتصل صادرات اليابان إلى الصين من هذه السلع حوالي 800 مليون دولار، وهي عبارة عن 35 الف سيارة بقيمة 558 مليون دولار، وحوالي 20 ألف جهاز تكييف بقيمة 74 مليون دولار، وحوالي 400 ألف جهاز تليفون محمول بقيمة 166.5 مليون دولار.
وقد انتقدت اليابان هذا القرار الصيني، ووصفته بأنه غير مناسب، وذلك بمعنى أنه لا يتناسب مع الإجراءات التي اتخذتها اليابان حيال الصادرات الصينية، وفي البداية اتخذت اليابان لهجة متشددة تجاه القرار الصيني، وهددت بسحب تأييدها لانضمام الصين إلى منظمة الجات، ولأن اليابان تدرك أنها ستخسر الكثير من دخولها في حرب تجارية مع الصين فقد خففت من لهجة التهديد، وأعلنت أنها لن تتخذ إجراءات تجارية انتقامية ضد الصين، وذلك من أجل "عدم تحطيم السفينة"، ورغم أن الأمر لم ينتهى بعد فإن الطرفين قررا الدخول في مفاوضات من أجل منع الدخول في حرب تجارية تضر بالجانبين.
الاكثر قراءة في التكتلات والنمو والتنمية الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة