الماء قسمة بين البشر
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص179-180.
2025-07-22
662
الماء قسمة بين البشر
قال تعالى : {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا } [الفرقان : 49 - 52].
1 - قال الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه تعالى ) : قوله : لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً قد مات بالجدب ، وأراد بالبلدة ، البلد ، أو المكان . فلذلك قال مَيْتاً بالتذكير ، والمعنى : لنحيي بالمطر بلدة ليس فيها نبت . قال ابن عباس : لنخرج به النبات والثمار وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً أي : ولنسقي من ذلك الماء أنعاما جمة ، أو نجعله سقيا لأنعام وَأَناسِيَّ كَثِيراً أي : أناسا كثيرة .
2 - وقال : قوله : وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ أي : صرفنا المطر بَيْنَهُمْ ، يدور في جهات الأرض ، وقيل : قسمناه بينهم يعني المطر ، فلا يدوم على مكان فيهلك ، ولا ينقطع عن مكان فيهلك . ويزيد لقوم ، وينقص لآخرين على حسب المصلحة . لِيَذَّكَّرُوا أي : ليتفكروا ويستدلوا به على سعة مقدورنا ، ولأنه لا يستحق العبادة غيرنا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً أي : جحودا لما عددناه من النعم وإنكارا ، فيقولون : مطرنا نبوء كذا وكذا . . . وقيل : فأبوا إلا كفورا بالبعث والنشور .
- وقال أبو جعفر عليه السّلام : « نزل جبرئيل على محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بهذه الآية هكذا ، فأبى أكثر الناس من أمّتك بولاية عليّ إلا كفورا » « 1 ».
3 - وقال : قوله : {وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً} ينذرهم ، ولكن بعثناك يا محمد إلى القرى كلها ، رسولا لعظيم منزلتك لدينا . والنذير : هو الداعي إلى ما يؤمن معه الخوف من العقاب . وقيل : إنه إخبار عن قدرته سبحانه ، والمعنى : لو شئنا لقسمنا بينهم النذر ، كما قسمنا الأمطار بينهم ، ولكن نفعل ما هو الأصلح لهم ، والأعود عليهم في دينهم ودنياهم ، فبعثناك إليهم كافة .
فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ فيما يدعونك إليه من المداهنة والإجابة إلى ما يريدون . وَجاهِدْهُمْ في اللّه بِهِ أي : بالقرآن جِهاداً كَبِيراً أي : تاما شديدا.
وفي هذه الآية دلالة على أن من أجل الجهاد وأعظمه منزلة عند اللّه سبحانه ، جهاد المتكلمين في حل شبه المبطلين ، وأعداء الدين ، ويمكن أن يتأول عليه قوله : « رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر » « 2 ».
____________
( 1 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 375 ، ح 11 .
( 2 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 303 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة