القران الكريم يقص على بني إسرائيل اخبارهم
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص275-277.
2025-07-17
518
القران الكريم يقص على بني إسرائيل اخبارهم
قال تعالى : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ } [النمل : 75، 76].
قال الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه تعالى ) : ثم ذكر سبحانه من الحجج ما يقوي قلب نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أي : يخبرهم بالصدق أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من حديث مريم وعيسى والنبي المبشر به في التوراة ، حيث قال بعضهم : هو يوشع ، وقال بعضهم : لا بل هو منتظر لم يأت بعد ، وغير ذلك من الأحكام .
وكان ذلك معجزة لنبينا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إذ كان لا يدرس كتبهم ، ولا يقرؤها ، ثم أخبرهم بما فيها .
وَإِنَّهُ يعني القرآن لَهُدىً أي : دلالة على الحق وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أي : نعمة لهم .
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ يريد بين المختلفين في الدين يوم القيامة .
وأشار بذلك إلى شيئين أحدهما : إن الحكم له ، فلا ينفذ حكم غيره ، فيوصل إلى كل ذي حق حقه والآخر : إنه وعد المظلوم بالانتصاف من الظالم وَهُوَ الْعَزِيزُ القادر على ما يشاء ، لا يمتنع عليه شيء الْعَلِيمُ بالمحق والمبطل ، فيجازي كلا بحسب عمله . وفي هذه الآية تسلية للمحقين من الذين خولفوا في أمور الدين ، وأن أمرهم يؤول إلى أن يحكم بينهم رب العالمين.
ثم خاطب سبحانه نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ يا محمّد إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ أي : الواضح البين الظاهر . والمحق أولى بالتوكل من المبطل المدغل . المراد بهذا الخطاب : سائر المؤمنين ، وإن كان في الظاهر لسيد المرسلين .
ثم شبه الكفار بالموتى فقال : إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى يقول : كما لا يسمع ، ولا يقبل بالموعظة ، ولا يتدبر فيها . وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ إنما قال ذلك ، لأن الأصم إذا كان قريبا ، فالإنسان يطمع في إسماعه . فإذا أعرض وأدبر وتباد ، انقطع الطمع في إسماعه . فجعل سبحانه المصمم على الجهل كالميت في أنه لا يقبل الهدى ، وكالأصم في أنه لا يسمع الدعاء .
وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ في الدين بالآيات الدالة على الهدى إذا أعرضوا عنها ، كما لا يمكنك أن تهدي الأعمى إلى قصد الطريق .
جعل سبحانه الجهل بمنزلة العمى ، لأنه يمنع عن إدراك الحق ، كما يمنع العمى من إدراك المبصرات . إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا أي : ما يسمع إلا من يطلب الحق بالنظر في آياتنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ أي : مستسلمون منقادون . جعل سبحانه استماعهم ، وقبولهم الحق سماعا ، وتركهم للقبول تركا للسماع . وقيل : مسلمون ، أي : موحدون مخلصون « 1 ».
______________
( 1 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 403.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة