الائمة عليهم السلام هم المستضعفون في الارض
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص294-297.
2025-07-17
583
الائمة عليهم السلام هم المستضعفون في الارض
قال تعالى : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص: 5، 6].
قال المفضل بن عمر : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول : « إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نظر إلى عليّ والحسن والحسين عليهم السّلام فبكى ، وقال : أنتم المستضعفون بعدي » .
قال المفضّل : فقلت له : ما معنى ذلك ، يا بن رسول اللّه ؟ قال : « معناه أنتم الأئمّة بعدي ، إن اللّه عزّ وجلّ يقول : وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ، فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة » « 1 » .
وقال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام : « قال أمير المؤمنين ( صلوات اللّه عليه ) : لتعطفنّ علينا الدنيا بعد شماسها « 2 » عطف الضّروس « 3 » على ولدها » ثمّ قرأ عليه السّلام : وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ، الآية « 4 ».
وقال الطبرسي : صحّت الرواية عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام ، أنّه قال :
« والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتعطفنّ علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضّروس على ولدها » وتلا عقيب ذلك : وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ، الآية « 5 ».
وقال الطّبرسيّ : وقال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السّلام : « والذي بعث محمدا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالحقّ بشيرا ونذيرا ، إنّ الأبرار منّا أهل البيت ، وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته ، وإنّ عدوّنا وأشياعه بمنزلة فرعون وأشياعه » « 6 ».
وقال علي بن إبراهيم القميّ : وقوله : وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ - إلى قوله - وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما ، وهم الذين غصبوا آل محمد عليهم السّلام حقّهم .
وقوله : مِنْهُمْ ، أي من آل محمد ما كانُوا يَحْذَرُونَ ، أي من القتل والعذاب . ولو كانت هذه الآية نزلت في موسى وفرعون ، لقال : ونري فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون - أي من موسى - ولم يقل مِنْهُمْ ، فلما تقدّم قوله : وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ، علمنا أن المخاطبة للنبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وما وعد اللّه به رسوله فإنّما يكون بعده ، والأئمّة يكونون من ولده ، وإنما ضرب اللّه هذا المثل لهم في موسى وبني إسرائيل ، وفي أعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما ، فقال : إنّ فرعون قتل بني إسرائيل ، فأظفر اللّه موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم اللّه ، وكذلك أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أصابهم من أعدائهم القتل والغصب ، ثمّ يردّهم اللّه ، ويردّ أعداءهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم .
وقد ضرب أمير المؤمنين عليه السّلام في أعدائه مثلا ، مثل ما ضرب اللّه لهم في أعدائهم بفرعون وهامان ، فقال : « يا أيها الناس ، إنّ أول من بغى على اللّه عزّ وجلّ على وجه الأرض عناق بنت آدم عليه السّلام ، خلق لها عشرين إصبعا ، لكلّ إصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين ، وكان مجلسها في الأرض موضع جريب « 7 » ، فلمّا بغت ، بعث اللّه لها أسدا كالفيل ، وذئبا كالبعير ، ونسرا كالحمار ، وكان ذلك في الخلق الأول ، فسّلطهم اللّه عليها ، فقتلوها . ألا وقد قتل اللّه فرعون وهامان ، وخسف اللّه بقارون ، وإنّما هذا مثل لأعدائه الذين غصبوا حقّه ، فأهلكهم اللّه ».
ثم قال عليّ عليه السّلام على أثر هذا المثل الذي ضربه : « وقد كان لي حقّ حازه دوني من لم يكن له ، ولم أكن أشركه فيه ، ولا توبة له إلّا بكتاب منزل ، أو برسول مرسل ، وأنى له بالرسالة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، ولا نبيّ بعد محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ؟ فأنّى يتوب وهو في برزخ القيامة ، غرّته الأماني ، وغرّه باللّه الغرور ؟ وقد أشفى على جرف هار ، فانهار به في نار جهنّم ، واللّه لا يهدي القوم الظالمين ».
وكذلك مثل القائم عليه السّلام في غيبته وهربه واستتاره ، مثل موسى عليه السّلام ، خائف مستتر إلى أن يأذن اللّه في خروجه ، وطلب حقّه ، وقتل أعدائه ، في قوله : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ } [الحج : 39، 40] ، وقد ضرب اللّه بالحسين بن عليّ عليهما السّلام مثلا في بني إسرائيل بذلّتهم من أعدائهم « 8 ».
__________________
( 1 ) معاني الأخبار : ص 79 ، شواهد التنزيل : ج 1 ، ص 430 ، ح 589 .
( 2 ) شمس الفرس : كأن لا يمكن أحدا من ظهره ، ولا من الإسراج والإلجام ، ولا يكاد يستقر .
« أقرب الموارد - شمس - ج 1 ، ص 611 » .
( 3 ) الضّروس : الناقة التي يموت ولدها ، أو يذبح ، ويحشى جلده ، فتدنو منه ، فتعطف عليه .
( تأويل الآيات : ج 1 ، ص 414 ، ح 3 ) .
( 4 ) خصائص الأئمة : ص 70 .
( 5 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 375 .
( 6 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 375 .
( 7 ) الجريب من الأرض : مقدار معلوم . « الصحاح - جرب - ج 1 ، ص 98 » .
( 8 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 133 .
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة