جبروت فرعون الذي اهلكه
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص311-312.
2025-07-17
490
جبروت فرعون الذي اهلكه
قال تعالى : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} [القصص : 38 - 41].
قال علي بن إبراهيم القمي : فبنى هامان له في الهواء صرحا ، حتى بلغ مكانا في الهواء لا يتمكن الإنسان أن يقوم عليه من الرياح القائمة في الهواء ، فقال لفرعون : لا نقدر أن نزيد على هذا . فبعث اللّه رياحا ، فرمت به ، فاتخذ فرعون وهامان ، عند ذلك التابوت ، وعمدا إلى أربعة أنسر ، فأخذا أفراخها وربّياها ، حتى إذا بلغت القوة ، وكبرت ، عمدا إلى جوانب التابوت الأربعة ، فغرسا في كلّ جانب منه خشبة ، وجعلا على رأس كل خشبة لحما ، وجوّعا الأنسر ، وشدّا أرجلها بأصل الخشبة ، فنظرت الأنسر إلى اللحم ، فأهوت إليه ، وصفقت بأجنحتها ، وارتفعت بهما في الهواء ، وأقبلت تطير يومها ، فقال فرعون لهامان : انظر إلى السّماء ، هل بلغناها ؟ فنظر هامان ، فقال : أرى السّماء كما كنت أراها من الأرض في البعد . فقال : انظر إلى الأرض . فقال : لا أرى الأرض ، ولكني أرى البحار والماء .
قال : فلم تزل الأنسر ترتفع ، حتى غابت الشمس ، وغابت عنهم البحار والماء ، فقال فرعون : يا هامان ، انظر إلى السّماء . فنظر ، فقال : أراها كما كنت أراها من الأرض . فلمّا جنّهم الليل ، نظر هامان إلى السّماء ، فقال فرعون : هل بلغناها ؟ قال : أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ، ولست أرى من الأرض إلا الظلمة .
قال : ثم حالت الرياح القائمة في الهواء بينهما ، فانقلب التابوت بهما ، فلم يزل يهوي بهما حتى وقع على الأرض ، وكان فرعون أشد ما كان عتوّا في ذلك الوقت .
ثمّ قال اللّه : {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ }« 1 ».
وقال علي بن إبراهيم في قوله : {فَحَشَرَ فَنَادَى} [النازعات: 23] : يعني فرعون {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعات : 24، 25] ، والنّكال : العقوبة . والآخرة : هو قوله : أنا ربكم الأعلى . والأولى : قوله : ما علمت لكم من إله غيري .
فأهلكه اللّه بهذين القولين « 2 ».
وقال الطّبرسيّ : جاء في التفسير عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه كان بين الكلمتين أربعون سنة « 3» .
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « إنّ الأئمة في كتاب اللّه عزّ وجلّ إمامان : قال اللّه تبارك وتعالى : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } [الأنبياء : 73] لا بأمر الناس ، يقدّمون أمر اللّه قبل أمرهم ، وحكم اللّه قبل حكمهم ، وقال : وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ يقدّمون أمرهم قبل أمر اللّه ، وحكمهم قبل حكم اللّه ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب اللّه عزّ وجلّ » « 4 ».
______________
( 1 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 140 .
( 2 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 403 .
( 3 ) مجمع البيان : ج 9 ، ص 656 .
( 4 ) الكافي : ج 1 ، ص 168 ، ح 2 .
الاكثر قراءة في قصة النبي موسى وهارون وقومهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة