المقابلة بين بين زينة الدينا وزينة الاخرة
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص328-330.
2025-07-10
500
المقابلة بين بين زينة الدينا وزينة الاخرة
قال تعالى : {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} [القصص: 61 - 64].
قال الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه تعالى ) : لما تقدم ذكر ما أوتوا من زينة الحياة الدنيا ، عقبه سبحانه بالفرق بين من أوتي نعيم الدنيا ، وبين من أوتي نعيم الآخرة ، فقال : أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً من ثواب الجنة ونعيمها ، جزاء على طاعته فَهُوَ لاقِيهِ أي : فهو واصل إليه ، ومدركه لا محالة . كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا من الأموال وغيرها . ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ للجزاء والعقاب . وقيل : من المحضرين في النار .
والمعنى : أيكون حال هذا ، كحال ذلك أي : لا يكون حالهما سواء ، لأن نعم الدنيا مشوبة بالغموم ، وتعرض للزوال والفناء . ونعم الآخرة خالصة صافية ، دائمة لا تتكدر بالشوب ، ولا تنتقص بالانقضاء .
أقول - قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ، في قوله عزّ وجلّ : أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ : « الموعود : علي بن أبي طالب عليه السّلام ، وعده اللّه أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا ، ووعده الجنّة له ولأوليائه في الآخرة » « 1 » - .
قال : قوله : وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أي : واذكر يوم ينادي اللّه الكفار ، وهو يوم القيامة ، وهذا نداء تقريع وتبكيت . فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أي : كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركاء في الإلهية ، وتعبدونهم ، وتدعون أنهم ينفعونكم .
قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أي : حق عليهم الوعيد بالعذاب ، من الجن والشياطين ، والذين أغووا الخلق من الإنس .
رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا يعنون أتباعهم أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا أي : أضللناهم عن الدين بدعائنا إياهم إلى الضلال ، كما ضللنا نحن بأنفسنا .
تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ منهم ، ومن أفعالهم . قال الزجاج : برئ بعضهم من بعض ، وصاروا أعداء كما قال سبحانه :{ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ }.
ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ أي : لم يكونوا يعبدوننا ، بل كانوا يعبدون الشياطين الذين زينوا لهم عبادتنا . وقيل : معناه لم يعبدونا باستحقاق وحجة وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ أي : ويقال للأتباع : ادعوا الذين عبدتموهم من دون اللّه ، وزعمتم أنهم شركائي ، لينصروكم ، ويدفعوا عنكم عذاب اللّه . وإنما أضاف الشركاء إليهم ، لأنه لا يجوز أن يكون للّه شريك ، ولكنهم كانوا يزعمون أنهم شركاء للّه بعبادتهم إياهم . فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ أي : فيدعونهم فلا يجيبونهم إلى ملتمسهم . وَرَأَوُا الْعَذابَ أي : ويرون العذاب .
لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ جواب لو محذوف تقديره : لو أنهم كانوا يهتدون لرأوا العذاب أي : لاعتقدوا أن العذاب حق . وهذا القول أولى لدلالة الكلام على المحذوف « 2 » .
_____________
( 1 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 442 ، ح 18 .
( 2) مجمع البيان : ج 4 ، ص 451 - 452 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة