تعدد العوالم وعدم انحصارها
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج1/ ص175-176
2025-07-08
554
يحثّ الشيخ محيي الدين الأعرابيّ على التأمّل والتفكّر في المشارق والمغارب، كما ورد في القرآن الكريم: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ والْمَغارِب}،[1] فالمشارق والمغارب جمع، وفي هذا العالم المحسوس، ليس إلّا مشرق واحد، ومغرب واحد، وكلّ منهما في جهة معاكسة.
و أصبح واضحاً الآن، بأنّ العالم لا ينحصر في عالم الظاهر هذا، فهناك عوالم أخرى لطيفة وغير محسوسة، بل تلك العوالم والسماء والكواكب هي أصل العوالم، لأنّها المؤثّرة وهذه المتأثّرة.
آسمانها است در ولايت جان *** كار فرماى آسمان جهان[2]
فأكثر الخلائق عن هذه الحقيقة غافلون ومحرومون من معرفة الأسرار والتجلّيات الإلهيّة، وبحكم انعدام الاستعداد الفطريّ لديهم، فلا حظّ لهم في الإصغاء والفهم، وهو يقول:
بيان مِثْلَهُنَّ ز ابن عبّاس *** شنو پس خويشتن را نيك بشناس[3]
يقول سلطان المفسّرين عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما: لَوْ ذَكَرْتُ تَفْسيرَ قَوْلِ اللهِ تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ومِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ}،[4] لرجموني أو قالوا: إنه كافر.
لأنّ الشيخ قد قال: بأنّك لم تسمع بغير كلمة عالم، ولا علم لك عن هذه العوالم التي مرّ ذكرها، وبأنّ العالم غير منحصر بالمحسوسات، وأن هناك عوالم لطيفة كثيرة غير هذه، استشهاداً على ذلك يقول شعره «بيان مثلهنّ» اي استمع جيّداً إلى ما قاله ابن عبّاس في شرح الآية {مِثْلَهُنَ} بأنّه لو فسّر هذه الآية لقُتل، واعرف نفسك جيّداً، فإنّك لم تعرف حقيقة الأمر بعد، وإذا كشف عارف ومحقّق ملهم الحجاب عن بعض أسرار الوجود، لهبّ الخلائق إلى الطعن والمجابهة، بل قد يغالى بعضهم إلى حد تكفيره، واستباحة دمه، بحجّة الدفاع عن حرمة الدين بزعمهم.
[1] صدر الآية 40، من السورة 70: المعارج.
[2] يقول: «السماوات خاضعة لولاية الروح؛ فهو الآمر الناهي في سماء العالم».
[3] يقول: «اسمع من ابن عبّاس بيان (مثْلهنّ) *** واعرف الأنفس جيّداً دون بطر أو وَهن»
[4] صدر الآية 12، من السورة 65: الطلاق.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة