درجات ظهور الله تعالى في العوالم اللامتناهية
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج1/ ص158-160
2025-07-08
534
اعلم أن العالم لا يقتصر على عالم الشهادة هذا، وأن هذا العالم، إنّما هو انعكاس بالقياس إلى العوالم الغيبيّة المعنويّة، وأن للحقّ تعالى ظهوراً مختلفاً في كلٍّ من عوالم التجلّي والظهور، وعلى هذا قال: تواز عالم همين لفظي شنيدى *** بيا بر گوكه از عالم چه ديدي؟![1]
حيث يقول: إنّك من هذا العالم الذي تعرفه إنّما سمعت لفظاً، وما دريت أن العالم أكبر من ذلك. لأنّه قيل: أن العالَم، هو ذلك الذي يُتَوَصَّل به إلى معرفة شيءٍ ما، وبهذا المعنى، يكون اشتقاق كلمة العالم أظهر من كلمة العلم. لذا، فإنّ تسمية الموجودات بالعالم، هي بواسطة أنّه وسيلة وآلة لإدراك الحقّ تعالى. مثله كمثل الخاتم، الذي يدلّ على الشيء الذي يختم به.
وعلى هذا المعنى أمكن إطلاق كلمة العالم على مجموع الأشياء الموجودة، وكذا أمكن إطلاقه على كلّ مرتبة بل وكلّ فرد، ولهذا فهو يقول، هلمّ وأخبرني عمّا رأيت من هذا العالم؟ وإلى أيّ من هذه العوالم وصلت؟ ذلك أن العوالم غير المحسوسة كثيرة، وقد ورد في الأخبار، أن العوالم كثيرة، وقد أشار بالتفصيل إلى ذلك: چه دانستى ز صورت يا ز معني؟ *** چه باشد آخرت چونست دنيا؟![2]
يقول ما ذا علمت عمّا قيل من عالم الصورة والمعني؟ اعلم، أن ما يمكن إدراكه بالحواسّ الظاهرة، إنّما هوالصورة، وأن ما لا تدركه الحواسّ الظاهرة، هو المعنى أو ما يسمّى بالغيب والشهادة.
وأمّا الدنيا، فهي عبارة عن هذا العالم، الذي تتعلّق فيه النفس الإنسانيّة بالبدن، وبواسطة الآلات البدنيّة، يمكنها اكتساب الأخلاق والأعمال من سيّئات وحسنات. ويعبّر عن ذلك، بالنشأة الاولى؛ وأمّا الآخرة، فهي العالم الذي تُقاضى فيه النفس بعد مفارقتها البدن، وتجزي على أخلاقها وأعمالها، أن خَيْراً فَخَيْرٌ وأن شَرّاً فَشَرٌّ.[3]
وسوف نشير إلى حقيقة معنى كَلِّمُوا النَّاسَ على قَدْرِ عُقُولِهِمْ[4] باختصار أثناء شرحنا للأبيات إن شاء الله تعالى.
[1] يقول: «أنتَ لا تعرف من هذا العالَم إلّا اسمه، وإذا كنتَ قد رأيت شيئاً منه، فقل أذن ما ذا رأيت؟»
[2] يقول: «ما الذي علمتَهُ من صورة أو معني؟ *** وما هي الآخرة، كيف حال الدنيا؟»
[3] قال ابن مالك في ألفيّته في باب كان: ويَحذِفونها ويبقون الخبر *** وبعدَ أن ولَو كثيراً ذا اشتهر ويقول الملّا جلال السيوطيّ، شارح الألفيّة،: ومثله قول: «المَرْءُ مَجْزِيّ بِعَمَلِهِ، أن خَيْراً فَخَيْرٌ». أيْ: أن كَانَ عَمَلُهُ خَيْراً. ويقول أبوطالب في حاشيته: «وورد في بعض الكتب «النَّاسُ مَجْزِيِّونَ بِأعْمَالِهِمْ»، وقيل أن هذا القول هو حديث». («البهجة المرضيّة» بخطّ عبد الرحيم، ص 55).
[4] لم يرد حديث بهذا الشكل في كتب الشيعة، وأمّا ما ورد فهو بالشكل التالي: نَحْنُ- إنَّا- مَعَاشِرَ الأنْبِيَاءِ امِرْنَا أن نُكَلِّمَ النَّاسَ على قَدْرِ عُقولِهِمْ. («المحجّة البيضاء» ج 1، ص 122؛ «تحف العقول» ص 37؛ «بحار الأنوار» الروضة، ج 17، ص 41، طبعة الكمبانيّ؛ وقد وردت الرواية كاملة في «اصول الكافي» ج 1، ص 23). نعم، قد وردت أحاديث بويّة مرسلة عن طريق العامّة في كتاب «مرصاد العباد» ص 15، طبعة بُنگاه ترجمه ونشر كتاب. ووردت كذلك في كتاب «أحاديث مثنوي»(= أحاديث المثنويّ) في موضعَيْن: الأوّل في ص 37، رقم 93: پست مىگويم به اندازة عقول *** عيب نبود اين بود كار رسول
يقول: «أتكلّم كلاماً بسيطاً تطيقه العقول، وليس هذا عيباً، لأنّه كان فعل الرسول».
والثاني في ص 129، رقم 393: رنگ وبودر پيش ما بس كاسد است *** ليك توپستى، سخن كرديم پست يقول: «أن اللون والرائحة كاسدان لدينا، ولكنّك بسيط فتكلّمنا كلاماً بسيطاً».
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة