مبادئ زورواستر الثلاثة
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج13 ص 501 ــ 502
2025-07-01
303
يوجد في كتاب «فنديداد» ثلاثة مبادئ أساسية ترتكز عليها مجموعةٌ ضخمةٌ من الشعائر الكهنوتية والنظام، وهي: (أ) أن الزراعة وتربية الماشية هما المهنتان الوحيدتان الشريفتان، (ب) وأن كل الخليقة في حرب بين الخير والشر، (ﺟ) وأن العناصر الأربعة وهي الهواء والماء والنار والأرض طاهرةٌ، ويجب ألا تدنس، وتفسيرًا للمبدأ الأول ليس هناك أفضل مِن وصف ما يسمى: الحياة المثالية على حسب عقيدة «زورواستر».
فردًّا على سؤال وضعه هذا النبيُّ نعلم أنه حيث «يقيم أحدُ المؤمنين بيتًا بماشية وزوجة وأطفال، وحيث تكون الماشية في ازدياد، والكلب والزوجة والطفل والنار تكون ناجحة … وحيث يزرع أحد المؤمنين كثيرًا من الغلة والكلأ والفاكهة، وحيث يروي أرضًا تكون جافة أو يجفف أرضًا تكون مبللة.»
وهذه التعاليمُ سليمةٌ صحيحةٌ بصورة غريبة، ونجد من الأشياء التي تتضمنها أنها تحرِّم الصوم بسبب: أن كل من لا يأكل فإنه لن يكون لديه قوةٌ يؤدي عملًا جريئًا من أُمُور الدين أو يشتغل بشجاعة … وأنه بالأكل يعيش العالم، ويموت بدون غذاء، ويرجعُ السببُ في أن أتباع «زورواستر» في القرى أصحاب أجسام قوية؛ إلى انعدام كل القيود غير الطبيعية.
هذا، وكان الزواجُ محتمًا كما كان كذلك تعدُّد الزوجات، ويقول «هردوت»: إن الملك كان يمنحُ مكافأة سنوية للفرد الذي يكون له أكبرُ أُسرة، والمبدأ الثاني هو عبارةٌ عن بيان طبيعة العقيدة الزورواستية، وذلك أن «أهورامازدا» قد خلق كل ما هو طيبٌ مثل الثور والكلب والديك، وهي التي كان من واجبات كل مؤمن أن يعزها، أما «أهريمان» فإنه — من جهة أخرى — قد خلق كل المخلوقات المؤذية؛ مثل الحيوانات المفترسة والثعابين وكل الذباب والحشرات، وهي التي كان من الواجب المحتم على كل المؤمنين أن يهلكوها، ومن بين هذه الطبقة الأخيرة النملة التي يستحب قتلها؛ لأنها تأكل حب الفلاح، وكذلك الورل والضفدع، أما مكانة الماشية فلا تحتاج إلى شرح؛ وذلك لأنها قد وُصفت بالقداسة التي لا تزال مرتبطةً بالماشية في الهند.
وتفسير مكانة الكلب في مذهب «زورواستر» كما جاء على لسان «أهورا» شعري بهج إذ يقول: «لقد جعلت الكلب في غير حاجة إلى ملبس أو نعل، وأنه شديد الحراسة، يقِظٌ ذو أسنان حادة، وُلد ليأخذ طعامه من الإنسان ويحرس متاع الإنسان … وأن أي فرد سيستيقظ على نباحه فإنه لا اللص ولا الذئب سيسرق شيئًا من بيته دون أن يحذر، والذئب سيُضرب ويمزق إربًا إربًا … على أنه لا يمكن أن يبقى بيت على الأرض عمله «أهورا» إلا بسبب كلبي هذين وهما كلب الراعي وكلب البيت.»
وقد غالت هذه التعاليم أحيانًا بوضع الكلب على قدم المساواة مع الرجل، ويظهر هذا في العبارة التالية: «قتل كلب أو رجل.» كما نشاهد ذلك أيضًا في الحياة المثالية في تعاليم «زورواستر» التي اقتبسناها فيما سبق؛ حيث ذكر الكلب قبل زوج الرجل وأولاده.
أما المكانة التي مُنحتْ للديك الذي يوقِظُ الخمولَ هي: «الطائر الذي يرفع صوته على الفجر الجبار … وأن من سيهدي كرمًا وتدينًا إلى أحد المؤمنين زوجًا من طيوري هذه، فإنه يكون كمن أهدى بيتًا يحتوي على مائة عمود.» ومن المحتمل أن هذه العبارة قد تُشير إلى أن الدجاج كان نادرًا في بلاد الفرس في ذلك الوقت.
هذا، وكان كلب الماء يُعتبر غاية في القداسة؛ فقد كانت عقوبةُ قتل واحدٍ منها عشر جلدات، وهي أعظم عقوبة على أيِّ جريمة، أما المبدأ الثالثُ فكان مرتبطًا بقداسة النار بوصفها رمزًا، وقد كان على الكاهن أن يغطي فَمَه عندما كان يقومُ بواجبه الدينيِّ عند المذبح، يُضاف إلى ذلك أنه كان يرشد للقواعد الخاصة بعدم تلويث الماء الجاري، وهي لا تزال متبعةً في بلاد فارس على حسب تعاليم الإسلام.
وثانيًا: كان الفردُ المعتنق تعاليم «زورواستر» تعرض جثته على برج لتمنع تدنيس الأرض، يضاف إلى ذلك أنه لَمَّا كانت كُلُّ الأمراض يُنظر إليها بأنها ملك قوى الشر؛ فإن معتنق مذهب «زورواستر» كان غالبًا ما يهملُهُ أفرادُ أُسرته وهو يموت، بل أكثر من ذلك: كان يحرم من ضروريات الحياة، وقد كان من مساوئ هذا الدين المدهش أن معالجة المرضى بالغسل والتطهير ببول البقرات.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في العالم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة