طلب فرعون السحرة لعجزه المسبق بمعجزة موسى
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص250-252.
2025-06-29
499
طلب فرعون السحرة لعجزه المسبق بمعجزة موسى
قال تعالى : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: 79 - 82].
قال الشيخ الطبرسيّ ( رحمه اللّه تعالى ) : وَقالَ فِرْعَوْنُ حكى اللّه سبحانه عن فرعون أنه حين أعجزه المعجزات التي ظهرت لموسى عليه السّلام ،ولم يكن له في دفعها حيلة ، قال لقومه : ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ بالسحر بليغ في عمله ، وإنما طلب فرعون كل ساحر ، ليتعاونوا على دفع ما أتى به موسى ، وحتى لا يفوته شيء من السحر بتأخر بعضهم . وإنما فعل ذلك للجهل بأن ما أتى به موسى من عند اللّه ، وليس بسحر ، وبعد ذلك علم أنه ليس بسحر ، فعائد كما قال سبحانه لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وقيل : أنه علم أنه ليس بسحر ، ولكنه ظن أن السحر يقاربه مقاربة تشبيه .
فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ الذين طلبهم فرعون ، وأمر بإحضارهم وموسى حاضر قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ وفي الكلام حذف يدل عليه الظاهر وتقديره فلما أتوه بالسحرة وبالحبال والعصي قال لهم موسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ أي : اطرحوا ما جئتم به . وقيل : معناه افعلوا ما أنتم فاعلون .
وهذا ليس بأمر بالسحر ، ولكنه قال ذلك على وجه التحدي والإلزام أي : من كان عنده ما يقاوم المعجزات ، فليلقه . وقيل : إنه أمر على الحقيقة بالإلقاء ليظهر بطلانه ، وإنما لم يقتصر على قوله أَلْقُوا لأنه أراد ألقوا جميع ما أنتم ملقون في المستأنف ، فلو اقتصر على أَلْقُوا ما أفاد هذا المعنى . والإلقاء :
إخراج الشيء عن اليد إلى جهة الأرض ، ويشبه بذلك قولهم : ألقى عليه مسألة ، وألقى عليه رداه فَلَمَّا أَلْقَوْا أي : فلما ألقت السحرة سحرهم قالَ مُوسى لهم ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ أي : الذي جئتم به من الحبال ، والعصي ، السحر . أدخل عليه الألف واللام للعهد ، لأنهم لما قالوا لما أتى به موسى أنه سحر قال عليه السّلام : ما جئتم به هو السحر . . . إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ أي : سيبطل هذا السحر الذي فعلتموه إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ معناه : إن اللّه لا يهيء عمل من قصد إفساد الدين ، ولا يمضيه ويبطله حتى يظهر الحق من الباطل ، والمحق من المبطل .
وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ أي : يظهر اللّه الحق ، ويحققه ، ويثبته ، وينصر أهله .
بِكَلِماتِهِ قيل في معناه أقوال :
1 - إن معناه بوعد موسى عليه السّلام ، وكان وعده النصر ، فأنجز وعده . . .
2 - إن معناه بكلامه الذين يتبين له معاني الآيات التي أتاها نبيه . . .
3 - بما سبق من حكمه في اللوح المحفوظ ، بأن ذلك سيكون وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ظهور الحق ، وإبطال الباطل .
وفي هذه الآية دلالة على أنه تعالى ينصر المحقين كلهم في حقهم وذلك على وجهين :
1 - بالحجة ، فهذه النصرة مستمرة على كل حال .
2 - بالغلبة والقهر ، وهذا يختلف بحسب المصلحة ، لأن المصلحة قد تكون بالتخلية تارة ، وبالحيلولة أخرى « 1 » .
_____________
( 1 ) مجمع البيان : ج 5 ، ص 215 .
الاكثر قراءة في قصة النبي موسى وهارون وقومهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة