عاقبة المؤمن والكافر
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص24-26.
2025-06-29
653
عاقبة المؤمن والكافر
قال تعالى : {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم : 27].
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « أنّ الميت إذا أخرج من بيته شيّعته الملائكة إلى قبره يترحّمون عليه ، حتّى إذا انتهي به إلى قبره ، قالت الأرض له : مرحبا بك وأهلا وسهلا ، واللّه لقد كنت أحبّ أن يمشي علي مثلك ، لا جرم لترى ما أصنع بك ، فيوسّع له مدّ بصره ، ويدخل عليه في قبره قعيدا القبر منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح إلى حقويه ، فيقعدانه فيسألانه ، فيقولان له : من ربّك ؟ فيقول : اللّه . فيقولان : وما دينك ؟ فيقول : الإسلام . فيقولان :
ومن نبيّك ؟ فيقول : محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيقولان : ومن إمامك ؟ فيقول : عليّ . فينادي مناد من السماء : صدق عبدي ، أفرشوا له في القبر من الجنّة ، وألبسوه من ثياب الجنّة ، وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنّة ، حتّى يأتينا وما عندنا خير له .
ثمّ يقولان له : نم نومة العروس ، نم نومة لا حلم فيها .
وإن كان كافرا ، أخرجت له ملائكة يشيّعونه إلى قبره يلعنونه ، حتى إذا انتهى إلى الأرض ، قالت الأرض : لا مرحبا بك ولا أهلا ، أما واللّه لقد كنت أبغض أن يمشي عليّ مثلك ، لا جرم لتريّن ما أصنع بك اليوم ، فتضايق عليه حتى تلتقي جوانحه . ويدخل عليه ملكا القبر ، وهما قعيدا القبر منكر ونكير ».
قال : قلت له : جعلت فداك ، يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة ؟
فقال : « لا . فيقعدانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ، [ فيقولان : لا دريت ، فما دينك ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ].
ويتلجلج لسانه فيقولان : لا دريت ، فمن نبيّك ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ، ويتلجلج لسانه . فيقولان : لا دريت . فينادي مناد . من السماء :
كذب عبدي ، افرشوا له في قبره من النار ، وألبسوه من ثياب النار ، وافتحوا له بابا إلى النار ، حتى يأتينا وما له عندنا شرّ له - قال - ثمّ يضربانه بمرزبّة معهما ثلاث ضربات ليس منها ضربه إلّا تطاير قبره نارا ، ولو ضربت تلك الضّربة على جبال تهامة ، لكانت رميما ».
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « ويسلّط اللّه عليه في قبره الحيّات والعقارب تنهشه نهشا ، والشياطين تغمّه غمّا ، يسمع عذابه من خلق اللّه إلّا الجنّ والإنس ، وإنه ليسمع خفق نعالهم ، ونفض أيديهم ، وهو قول اللّه : يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا - قال - عند موته وَفِي الْآخِرَةِ - قال - قال في قبره وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ « 1 ».
وقال علي بن أبي طالب عليه السّلام : « إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأوّل يوم من الآخرة ، مثّل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت إلى ماله ، فيقول : واللّه إنّي كنت عليك لحريصا شحيحا ، فما عندك ؟ فيقول : خذ منّي كفنك . فيلتفت إلى ولده ، فيقول : واللّه إني كنت لكم محبّا ، وإني كنت عليكم لمحاميا ، فماذا عندكم ؟ فيقولون : نؤدّيك إلى حفرتك ونواريك فيها .
فيلتفت إلى عمله ، فيقول : واللّه إني كنت فيك لزاهدا ، وإن كنت عليّ لثقيلا ، فما عندك ؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حين أعرض أنا وأنت على ربّك .
فإن كان للّه وليّا ، أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم رياشا ، فيقول : أبشر بروح وريحان وجنّة نعيم ، قدمت خير مقدّم ، فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا إلى الجنّة . وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجّله ، فإذا أدخل قبره أتاه اثنان ، هما فتّانا القبر ، يجرّان أشعارهما ، ويبحثان الأرض بأنيابهما ، أصواتهما كالرّعد العاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، ثم يقولان : من ربّك ، وما دينك ، ومن نبيّك ؟ فيقول : اللّه ربي ، وديني الإسلام ، ونبيّي محمّد . فيقولان : ثبّتك اللّه فيما يحب ويرضى . وهو قول اللّه : يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ . ثمّ يفسحان له في قبره مد بصره ، ويفتحان له بابا إلى الجنّة ، ثم يقولان له : نم قرير العين ، نوم الشابّ الناعم ، فإنّه يقول اللّه : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان : 24].
وأما إن كان لربّه عدوا ، فإنّه يأتيه أقبح من خلق اللّه رياشا ، وأنتنهم ريحا فيقول : أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم . وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه ، فإذا أدخل في قبره أتاه ممتحنا القبر ، فألقيا أكفانه ، ثمّ قالا له : من ربك ، وما دينك ، ومن نبيّك ؟ فيقول : لا أدري . فيقولان : لا دريت ولا هديت . فيضربان يأفوخه بمزرّبّة ضربة ما خلق اللّه من دابّة إلّا تذعر لها ، ما خلا الثقلين ، ثم يفتح له باب إلى النار ، ثم يقولان له : نم بشرّ حال ، فإنّه من الضّيق مثل ما فيه القناة من الزّجّ ، حتى إنّ دماغه ليخرج ممّا بين ظفره ولحمه ، ويسلّط اللّه عليه حيّات الأرض وعقاربها وهوامّها فتنهشه حتى يبعثه من قبره ، وإنّه ليتمنّى قيام الساعة ممّا هو فيه من الشرّ » .
قال جابر : قال أبو جعفر عليه السّلام : « قال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : إنّي كنت لأنظر إلى الغنم والإبل وأنا أرعاها ، وليس من نبيّ إلا قد رعى ، فكنت أنظر إليها قبل الإبوة وهي متمكنة فيه المكنية ، ما حولها شيء يهيجها حتى تذعر ، فانظر فأقول : ما هذا ؟ وأعجب ، حتى حدّثني جبرئيل عليه السّلام : إنّ الكافر يضرب ضربة ما خلق اللّه شيئا إلا سمعها ويذعر لها إلّا الثّقلان ، فعلمت أن ذلك إنما كان بضربة الكافر ، فنعوذ باللّه من عذاب القبر » « 2 ».
_____________
( 1 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 225 ، ح 18 .
( 2 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 227 ، ح 20 و 21 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة