فطنة السامري وإغوائه بني إسرائيل
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص392-395.
2025-06-20
492
فطنة السامري وإغوائه بني إسرائيل
{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [الأعراف: 147 - 151] الجواب / أقول سيرد ذلك في سورة طه أيضا ، ونذكره هنا أيضا :
قال علي بن إبراهيم القميّ : قال عليه السّلام : . . . أن موسى عليه السّلام لما وعده اللّه تعالى أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما ، أخبر بني إسرائيل بذلك ، وذهب إلى ميقات ربه وخلف هارون على قومه . فلما جاءت الثلاثون يوما ، ولم يرجع موسى إليهم ، عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون ، قالوا : إن موسى كذبنا وهرب منا .
فجاء إبليس في صورة رجل فقال لهم : إن موسى قد هرب منكم ولا يرجع أبدا فأجمعوا إليّ حليكم حتى أتخذ إلها تعبدونه . وكان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق اللّه فرعون وأصحابه ، فنظر إلى جبرائيل عليه السّلام وكان على حيوان في صورة رمكة كانت له كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض يتحرك ذلك الموضع ، فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى ، فأخذ التراب من حافر رمكة جبرائيل وكان يتحرك ، فصره في صرة وكان عنده يفتخر به على بني إسرائيل . فلما جاءهم إبليس واتخذوا العجل ، قال السامري هات التراب الذي معك فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل ، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر ، فسجد له بنو إسرائيل ، وكان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل .
فقال لهم هارون : { إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه : 90، 91] فهموا بهارون حتى هرب من بينهم وبقي في ذلك ، حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة . فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل اللّه عليه الألواح فيه التوراة وما يحتاجون إليه من الأحكام والسير والقصص . ثم أوحى اللّه إلى موسى عليه السّلام : إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري وعبدوا العجل وله خوار فقال موسى عليه السّلام : يا رب العجل من السامري ، فالخوار ممن ، قال : مني ، يا موسى إني لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة . {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي} [طه : 86] ثم رمى الألواح وأخذ بلحية أخيه هارون ورأسه يجره إليه فقال له : {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه : 92 - 94] فقال له بنو إسرائيل : ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم - يعني من حليهم - فقذفناها قال : التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ، ثم أخرج السامري العجل وله خوار . فقال له موسى : {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا} [طه : 95، 96] يعني من تحت حافر رمكة جبرائيل عليه السّلام في البحر فنبذتها أي أمسكتها {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } [طه : 96] أي زينت .
فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر ، ثم قال موسى للسامري {فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} [طه : 97] يعني ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة ، حتى تعرفوا أنكم سامرية فلا يغتر بكم الناس ، فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس لهم . ثم همّ موسى بقتل السامري ، فأوحى اللّه إليه : لا تقتله يا موسى فإنه سخي ، فقال له موسى : {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [طه : 97، 98] « 1 » .
____________
( 1 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 61 - 63 ، والآية طه : 97 - 98 .
الاكثر قراءة في قصة النبي موسى وهارون وقومهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة