فضل النبي محمد واله على النبيين والهم
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص314-317.
2025-06-17
631
فضل النبي محمد واله على النبيين والهم
قال تعالى : {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [القصص: 46].
قال أبو سعيد المدائني : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام : ما معنى قول اللّه عزّ وجلّ في محكم كتابه : وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا ؟ فقال عليه السّلام : « كتاب لنا كتبه اللّه - يا أبا سعيد - في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام ، صيّره معه في عرشه ، أو تحت عرشه ، فيه : يا شيعة آل محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، من أتاني منكم بولاية محمد وآل محمد أسكنته جنتي برحمتي » « 1 » .
وقال الإمام أبو محمد العسكريّ عليه السّلام : « إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : لمّا بعث اللّه عزّ وجلّ موسى بن عمران ، واصطفاه نجيّا ، وفلق له البحر فنجى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراة والألواح ، رأى مكانه من ربّه عزّ وجلّ ، فقال :
ربّ لقد كرّمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي . قال اللّه عزّ وجلّ : يا موسى ، أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع خلقي ؟
قال موسى : يا ربّ ، فإن كان محمد أفضل عندك من جميع خلقك ، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي ؟ قال اللّه عزّ وجلّ : يا موسى ، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيّين كفضل محمد على جميع المرسلين ؟
قال موسى : يا ربّ ، فإن كان آل محمد عندك كذلك ، فهل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من أصحابي ؟ قال اللّه عزّ وجلّ : يا موسى ، أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيّين ، وفضل محمد على جميع المرسلين ؟
قال موسى : يا رب ، فإن كان محمد وآله عليهم السّلام ، وأصحابه كما وصفت ، فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمّتي ، ظلّلت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المنّ والسّلوى ، وفلقت لهم البحر ؟ فقال اللّه تعالى : يا موسى ، أما علمت أن فضل أمّة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي ؟
قال موسى : يا ربّ ، ليتني كنت أراهم . فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : يا موسى ، إنك لن تراهم ، فليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن سوف تراهم في الجنّة ، جنّات عدن والفردوس ، بحضرة محمد في نعيمها يتقلّبون ، وفي خيراتها يتبحبحون « 2 » ، أفتحبّ أن تسمع كلامهم ؟ قال : نعم ، يا ربّ ، قال :
قم بين يدي ، واشدد مئزرك ، قيام العبد الذليل بين يدي السيد الجليل . ففعل ذلك ، فنادى ربنا عزّ وجلّ : يا أمّة محمد . فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبّيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبّيك - قال - فجعل تلك الإجابة منهم شعار الحجّ .
ثم نادى ربّنا عزّ وجلّ : يا أمة محمد ، إن قضائي عليكم : أن رحمتي سبقت غضبي ، وعفوي قبل عقابي ، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، صادق في أقواله ، محقّ في أفعاله ، وأنّ علي بن أبي طالب أخوه ووصيّه من بعده ، ووليّه ، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد ، وأنّ أولياءه المصفين ، الأخيار ، المطهّرين ، الميامين ، المبلغين بعجائب آيات اللّه ، ودلائل حجج اللّه من بعدهما أولياؤه ، أدخلته جنّتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر » .
قال : « فلمّا بعث اللّه عزّ وجلّ نبيّنا محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : يا محمد ، وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة . ثمّ قال عزّ وجلّ لمحمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : قل : الحمد للّه ربّ العالمين على ما اختصّني به من هذه الكرامة والفضيلة . وقال لأمّته : وقولوا أنتم : الحمد للّه ربّ العالمين على ما اختصّنا به من هذا الفضل » « 3 » .
______________
( 1) الاختصاص : ص 111 ، الشيخ المفيد .
( 2 ) التبحبح : التمكّن في الحلول والمقام . « الصحاح - بحح - ج 1 ، ص 354 » .
( 3 ) تفسير الإمام العسكري عليه السّلام : ص 31 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة