قبول الاعمال مقرون بمحبة اهل البيت عليهم السلام
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص33-36.
2025-06-16
416
قبول الاعمال مقرون بمحبة اهل البيت عليهم السلام
قال تعالى : {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37].
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « إنّ إبراهيم عليه السّلام كان نازلا في بادية الشام ، فلمّا ولد له من هاجر إسماعيل عليه السّلام اغتمّت سارة من ذلك غمّا شديدا لأنّه لم يكن له منها ولد ، فكانت تؤذي إبراهيم عليه السّلام في هاجر وتغمّه ، فشكا إبراهيم عليه السّلام ذلك إلى اللّه عزّ وجلّ فأوحى اللّه إليه : إنّما مثل المرأة مثل الضّلع العوجاء ، إن تركتها استمتعت بها ، وإن أقمتها كسرتها ، ثمّ أمره أن يخرج إسماعيل وأمّه . فقال إبراهيم : يا ربّ ، إلى أيّ مكان ؟ قال :
إلى حرمي وأمني وأول بقعة خلقتها من الأرض ، وهي مكّة . فأنزل اللّه عليه جبرئيل بالبراق ، فحمل هاجر وإسماعيل وإبراهيم عليهما السّلام ، وكان إبراهيم عليه السّلام لا يمرّ بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلّا قال : يا جبرئيل ، إلى ها هنا ، إلى ها هنا ؟ فيقول جبرئيل : لا ، امض امض ، حتى وافى مكّة ، فوضعه في موضع البيت .
وقد كان إبراهيم ( عليه الصلاة والسّلام ) عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها ، فلمّا نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجر ، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها ، فاستظلّوا تحته ، فلمّا سرّحهم إبراهيم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة ، قالت له هاجر : يا إبراهيم ، لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع ؟ فقال إبراهيم عليه السّلام : اللّه الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان وهو يكفيكم ، ثمّ انصرف عنهم . فلمّا بلغ كدى - وهو جبل بذي طوى - التفت إليهم إبراهيم عليه السّلام ، فقال : {رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} ثمّ مضى ، وبقيت هاجر » « 1 ».
وقال أبو جعفر عليه السّلام في قوله : رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي الآية ، قال : « نحن واللّه بقية تلك العترة » « 2 ».
وقال أبو جعفر عليه السّلام : « - عندما نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة - فقال : « هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية ، إنّما أمروا أن يطوفوا بها ثمّ ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ، ويعرضوا علينا نصرتهم » ثم قرأ هذه الآية : « فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ » « 3 ».
وقال الإمام الرضا عليه السّلام : « إنّ إبراهيم خليل الرحمن ( صلوات اللّه عليه ) ، سأل ربّه حين أسكن ذرّيّته الحرم ، فقال : ربّ ارزقهم من الثمرات لعلّهم يشكرون ، فأمر اللّه تبارك وتعالى قطعة من الأردنّ حتى جاءت فطافت بالبيت سبعا ، ثمّ أمر اللّه أن تقول : الطائف ، فسمّيت الطائف لطوافها بالبيت » « 4 ».
وفي رواية أخرى قال ميسّر : كنا في الفسطاط عند أبي جعفر عليه السّلام نحوا من خمسين رجلا : فجلس بعد سكوت كان منّا طويلا فقال : « ما لكم لا تنطقون ، لعلّكم ترون أنّي نبيّ ؟ لا واللّه ما أنا كذلك ، ولكن فيّ قرابة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قريبة ، وولادة ، من وصلها وصله اللّه ، ومن أحبّها أحبّه اللّه ، ومن أكرمها أكرمه اللّه ، أتدرون أيّ البقاع أفضل عند اللّه منزلة ؟ » . فلم يتكلم أحد ، فكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : « تلك مكّة الحرام ، التي رضيها لنفسه حرما ، وجعل بيته فيها ».
ثمّ قال : « أتدرون أي البقاع أفضل من مكّة ؟ » فلم يتكلّم أحد ، فكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : « ما بين الحجر الأسود إلى باب الكعبة ، ذلك حطيم إبراهيم عليه السّلام نفسه الذي كان يذود فيه غنمه ويصلّي فيه ، فو اللّه لو أنّ عبدا صفّ قدميه في ذلك المكان ، قام النهار مصلّيا حتى يجنّه الليل ، وقام الليل مصلّيا حتى يجنّه النهار ، ثم لم يعرف لنا حقّا أهل البيت وحرمنا حقّنا ، لم يقبل اللّه منه شيئا أبدا .
إن أبانا إبراهيم ( صلوات اللّه عليه ) كان فيما اشترط على ربّه أن قال :
فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ أما إنّه لم يقل : الناس كلّهم ، أنتم أولئك رحمكم اللّه ونظراؤكم ، فإنّما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثّور الأسود ، أو الشّعرة السّوداء في الثّور الأبيض ، وينبغي للناس أن يحجّوا هذا البيت ، وأن يعظّموه لتعظيم اللّه إيّاه ، وأن يلقونا أينما كنّا ، نحن الأدلّاء على اللّه » « 5 » .
وفي خبر آخر : « أتدرون أيّ بقعة أعظم حرمة عند اللّه ؟ » فلم يتكلم أحد ، وكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : « ذلك ما بين الرّكن الأسود والمقام ، إلى باب الكعبة ، ذلك حطيم إسماعيل عليه السّلام الذي كان يذود فيه غنمه » . ثمّ ذكر الحديث « 6» .
________________
( 1 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 60 .
( 2 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 371 .
( 3 ) الكافي : ج 1 ، ص 322 ، ح 1 .
( 4 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 233 ، ح 40 .
( 5 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 233 ، ح 41 .
( 6 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 233 ، ح 42 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة