النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
العراق في عصر ظهور الإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص439-476
2025-06-14
52
العراق عاصمة دولة العدل الإلهية
الأحاديث حول العراق كثيرة ، في علامات ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، وحركة ظهوره وبعدها . ذلك أن الله عز وجل قدر وقضى أن يكون العراق عاصمة دولة العدل الإلهي العالمية ، التي يقيمها الإمام عليه السلام .
وتذكر الروايات المتعلقة بالعراق قبل الظهور حكام الجور فيه ، أو تمدح بعض بلدانه أو تذمها ، أو تتحدث عن نقص في الثمرات ، وخوف يشمل أهله لا يقر لهم معه قرار . . الخ . وقد أورد المفيد رحمه الله مجموعة علامات للظهور تكون في العراق وغيره . قال في الإرشاد : 2 / 368 : « جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام وحوادث تكون أمام قيامه ، وآيات ودلالات : فمنها خروج السفياني وقتل الحسني ، واختلاف بني العباس في الملك الدنياوي ، وكسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخره ، على خلاف العادات ، وخسف بالبيداء ، وخسف بالمغرب وخسف بالمشرق ، وركود الشمس من عند الزوال إلى أوسط أوقات العصر ، وطلوعها من المغرب ، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام ، وهدم حائط مسجد الكوفة ، وإقبال رايات سود من قبل خراسان ، وخروج اليماني ، وظهور المغربي بمصر وتملكه الشامات ، ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة ، وطلوع نجم بالمشرق يضئ كما يضئ القمر ، ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه ، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طويلاً وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام ، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد ، وخروجها عن سلطان العجم ، وقتل أهل مصر أميرهم ، وخراب الشام ، واختلاف ثلاث رايات فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قبل الغرب حتى تربط بفناء الحيرة ، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها ، وبثق في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة ، وخروج ستين كذاباً كلهم يدعي النبوة ، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب كلهم يدعي الإمامة لنفسه ، وإحراق رجل عظيم القدر من بني العباس بين جلولاء وخانقين ، وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام ، وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار ، وزلزلة حتى ينخسف كثير منها ، وخوف يشمل أهل العراق وبغداد ، وموت ذريع فيه ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات ، وقلة ريع لما يزرعه الناس ، واختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم ، وخروج العبيد عن طاعات ساداتهم وقتلهم مواليهم ، ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كل أهل لغة بلغتهم ، ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس ، وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون ويتزاورون . ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل فتحيا بها الأرض بعد موتها وتعرف بركاتها ، وتزول بعد ذلك كل عاهة عن معتقدي الحق من شيعة المهدي عليه السلام ، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة ، فيتوجهون نحوه لنصرته ، كما جاءت بذلك الأخبار . وجملة من هذه الأحداث محتومة ومنها مشروطة ، والله أعلم بما يكون ، وإنما ذكرناها على حسب ما ثبت في الأصول ، وتضمنها الأثر المنقول » . انتهى .
أقول : ما ذكره قدس سره تعدادٌ لكثير من علامات الظهور البعيدة والقريبة ، بشكل مجمل غير متسلسل ، فمنها علامات قريبة لا يفصلها عن ظهور الإمام عليه السلام أكثر من أسبوعين ، كقتل النفس الزكية بين الركن والمقام ، بل هو في الحقيقة جزء من حركة الظهور لأنه رسول المهدي عليه السلام . ومنها ما يفصله عن ظهوره عليه السلام قرون عديدة كاختلاف بني العباس فيما بينهم ، وظهور المغربي في مصر وتملكه الشامات في حركة الفاطميين . وقصده رحمه الله بالمحتوم والمشروط منها : أن منها حتمي الوقوع على كل حال ، كما في السفياني ، واليماني ، وقتل النفس الزكية ، والنداء السماوي ، والخسف بجيش السفياني . ومنها مشروط بأحداث أخرى في مقادير الله سبحانه .
ضعف رواية جفاف الفرات
مصنف عبد الرزاق : 11 / 373 : « عن القاسم بن عبد الرحمن قال : شُكِيَ إلى ابن مسعود الفرات فقالوا : نخاف أن ينفتق علينا فلو أرسلت من يُسَكِّرُه ، فقال عبد الله : لا نُسكره فوالله ليأتين على الناس زمان لو التمستم فيه ملء طست من ماء ما وجدتموه ، وليرجعن كل ماء إلى عنصره ، ويكون بقية الماء والمسلمين بالشام » .
أقول : قصده برجوع كل شئ إلى عنصره ، ما روي أن مياه الأرض تجف قبل ظهور المهدي عليه السلام أو قبل القيامة . لكن أهل البيت عليهم السلام ردوا هذا الجفاف المزعوم وقالوا إن سنة ظهور المهدي عليه السلام سنة غَيْداقة كثيرة المطر .
روى في الإرشاد / 361 ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « سنة الفتح ينبثق الفرات حتى يدخل في أزقة الكوفة » . وفي رواية أخرى قال : « إن قدام القائم عليه السلام لسنة غيداقة يفسد فيها الثمار والتمر في النخل ، فلا تشكُّوا في ذلك » .
ضعف روايات خراب بغداد
روت المصادر أحاديث في خراب بغداد ، كالذي رواه ابن المنادي / 43 ، عن جرير البجلي : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تبنى مدينة بين دجلة ودجيل والصراة وقطربل ، تجبى إليها كنوز الأرض يخسف بها ، فلهي أسرع ذهاباً في الأرض من الحديدة المحماة في الأرض الخوارة » . وتذكرة القرطبي : 2 / 681 و 697 ، وجامع السيوطي : 4 / 772 .
وفي تاريخ بغداد : 1 / 38 : « عن أبي الأسود الدؤلي : قال علي بن أبي طالب : سمعت حبيبي محمداً صلى الله عليه وآله يقول : سيكون لبني عمي مدينة من قبل المشرق بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة ، يشيد فيها بالخشب والآجر والجص والذهب ، يسكنها شرار خلق الله وجبابرة أمتي ، أما إن هلاكها على يد السفياني ، كأني بها والله قد صارت خاوية على عروشها » .
وقد عقدنا فصلاً في كتاب : الإمام الكاظم عليه السلام سيد بغداد ، لروايات خراب بغداد وخسفها وزوالها ، وأثبتنا أنها من موضوعات أتباع بني أمية ، يجيبون بذلك على إخبار أمير المؤمنين عليه السلام بخراب الشام في حرب السفياني لولده المهدي عليه السلام ، فنقموا على العراق وبغداد والكوفة ! لذلك لا نأخذ بروايات خراب بغداد على يد السفياني ! نعم صح إخبار النبي صلى الله عليه وآله بإنشاء بغداد وذم جبابرتها .
ومن ذلك ما رواه العلامة الحلي رحمه الله في كشف اليقين / 80 ، قال : « فصل في إخبار أمير المؤمنين عليه السلام بالمغيبات : ومن ذلك إخباره بعمارة بغداد ، وملك بني العباس ، وذكر أحوالهم ، وأخذ المغول الملك منهم . رواه والدي رحمه الله ، وكان ذلك سبب سلامة أهل الحلة والكوفة والمشهدين الشريفين من القتل » .
ثم ساق حديث ذهاب والده رحمه الله إلى بغداد ليقابل هولاكو الطاغية ، ويأخذ منه أماناً للحلة والمشهدين . ونص الحديث : « الزوراء وما أدراك ما الزوراء ، أرض ذات أثل يشتد فيها البنيان ويكثر فيها السكان ، ويكون فيها قهارم وخزان ، يتخذها ولد العباس موطناً ، ولزخرفهم مسكناً ، تكون لهم دار لهو ولعب ، ويكون بها الجور الجائر والخوف المخيف ، والأئمة الفجرة والقراء الفسقة والوزراء الخونة ، يخدمهم أبناء فارس والروم ، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه ، ولا يتناهون عن منكر إذا أنكروه ، يكتفي الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء ! فعند ذلك الغم الغميم والبكاء الطويل ، والويل والعويل لأهل الزوراء ، من سطوات الترك وما هم الترك ، قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطرقة ، لباسهم الحديد ، جرد مرد ، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم ، جهوري الصوت قوي الصولة عالي الهمة ، لا يمر بمدينة إلا فتحها ، ولاترفع له راية إلا نكسها ، الويل الويل لمن ناوأه ، فلا يزال كذلك حتى يظفر » .
وروى قريباً منه في كفاية الأثر / 213 : « عن علقمة بن قيس قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة ، فقال فيما قال في آخرها : « ألا وإني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب ، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية وإماتة ما أحياه الله ، وإحياء ما أماته الله ، واتخذوا صوامعكم بيوتكم ، وعضوا على مثل جمر الغضا ، فاذكروا الله ذكراً كثيراً ، فذكره أكبر لو كنتم تعلمون . ثم قال : وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيلة والفرات ، فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضة واللازورد المستسقى ، والمرمر والرخام وأبواب العاج والأبنوس ، والخيم والقباب والشارات ، وقد عُليت بالساج والعرعر والصنوبر والخشب ، وشيدت بالقصور ، وتوالت عليها ملوك بني الشيصبان ، أربعة وعشرون ملكاً ، على عدد سني الملك الكديد ، فيهم السفاح والمقلاص والجموع والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعشار والمصطلم والمستصعب والعلام والرهباني والخليع والسيار والمسرف والكديد والأكتب والمترف والأكلب والوشيم والظلام والعيوق .
وتُعمل القبة الغبراء ذات القلادة الحمراء . في عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين الأقاليم كالقمر المضئ بين الكواكب الدرية . ألا وإن لخروجه علامات عشراً : أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ويقارب من الحاوي ، ويقع فيه هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب ، ومن العلامة إلى العلامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشر ، إذ ذاك يظهر القمر الأزهر ، وتمت كلمة الإخلاص لله على التوحيد » .
ويظهر أن الرواة حذفوا من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ذم بني العباس ، وذكر المغول ، وأضافوا إليها أن بغداد سيخسف بها ، وستُدَمَّر على يد السفياني !
أهم روايات مصادر السنة حول البصرة
أبو داود : 4 / 113 : « عن صالح بن درهم قال : انطلقنا حاجين فإذا رجل فقال لنا : إلى جنبكم قرية يقال لها الأبلة ؟ قلنا : نعم ، قال : من يضمن لي منكم أن يصلي لي في مسجد العشار ركعتين أو أربعاً ، ويقول هذه لأبي هريرة ؟ سمعت خليلي أبا القاسم يقول : إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء ، لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم . وقال أبو داود : هذا مسجد مما يلي النهر » . والأبُلَّة : محلة قرب البصرة ، واليوم جزء منها . وروى مثله : ابن المنادي / 40 ، والبغوي : 3 / 486 .
أبو داود : 4 / 113 : « عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له : يا أنس ، إن الناس يمصرون أمصاراً ، وإن مصراً منها يقال له البصرة أو البصيرة ، فإن أنت مررت بها أو دخلتها فإياك وسباخها وكلأها وسوقها ، وباب أمرائها ، وعليك بضواحيها ، فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف ، وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير » .
وفي ملاحم ابن المنادي / 38 : « عن أبي بكرة أخ زياد بن أبيه : قال النبي صلى الله عليه وآله : إن أناساً من أمتي ينزلون حائطاً يقال له البصرة ، وعنده نهر له يقال له دجلة ، وتكون من أمصار المهاجرين ، فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطورا ، قوم عراض الوجوه صغار الأعين ، حتى ينزلوا بشاطئ النهر فيفترق أهلها على ثلاث فرق ، فأما فرقة فيأخذون بأذناب الإبل والبرية فيهلكون » .
وفي المعجم الأوسط : 7 / 561 : « عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله : إن المسلمين يمصرون بعدي أمصاراً ، ومما يمصرون مصراً يقال لها البصيرة فإن أنت وردتها فإياك ومقصفها وسوقها وباب سلطانها فإنها سيكون بها خسف ومسخ وقذف . آية ذلك الزمان أن يموت العدل ويفشو فيها الجور ويكثر فيها الزنا ويفشو فيها شهادة الزور » .
أقول : لا يمكن الاعتماد على هذه الروايات ، بعد أن شهد أهل البيت عليهم السلام بعدم وثاقة أنس ، وكذا أبو بكرة أخ زياد بن أبيه ، كما أن البغوي حكم بوضع الحديث الأخير ، وكذا ابن الجوزي ، وإن كان ابن حجر دافع عنه كما في هامش مصابيح البغوي : 3 / 486 ، فينبغي التوقف فيه ، لأن دواعي الوضع فيه وفي أمثاله قوية !
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن ثورة الزنج بالبصرة
أوردنا في فصل الدجال الخطبة المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، التي رواها ابن ميثم البحراني في شرح نهج البلاغة : 1 / 289 ، خطبة 13 ، وهي مرسلة وفيها ذم البصرة وإخبارعن أحداث ستقع فيها مثل قوله : « كأني أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شُرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر ! فقام إليه الأحنف بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك ؟ قال : يا أبا بحر إنك لن تدرك ذلك الزمان وإن بينك وبينه لقروناً ، ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلغوا إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً فالهرب الهرب فإنه لا بصيرة لكم يومئذ . ثم التفت عن يمينه فقال : كم بينكم وبين الأبلة ؟ فقال له المنذر بن الجارود : فداك أبي وأمي ، أربعة فراسخ ، قال له : صدقت فوالذي بعث محمداً وأكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة وعجل بروحه إلى الجنة لقد سمعت منه كما تسمعون مني أن قال : يا علي هل علمت أن بين التي تسمى البصرة والتي تسمى الأبلة أربعة فراسخ ، وقد يكون في التي تسمى الأبلة موضع أصحاب العشور ، يقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألفاً شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر ! فقال له المنذر : يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وأمي ؟ قال : يقتلهم إخوان الجن وهم جيل كأنهم الشياطين ، سود ألوانهم منتنة أرواحهم شديد كلبهم قليل سلبهم ، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل ذلك الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء تبكي السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها .
ثم هملت عيناه بالبكاء ثم قال : ويحك يا بصرة من جيش لارهج له ولا حس ! قال له المنذر : يا أمير المؤمنين وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذكرت ، وما الويح ، وما الويل ؟ فقال : هما بابان فالويح باب الرحمة والويل باب العذاب ، يا ابن الجارود نعم ، ثارات عظيمة منها عصبة يقتل بعضها بعضاً ، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال ، وقتل رجال وسبي نساء ، يذبحن ذبحاً ، يا ويل أمرهن حديث عجب » . الخ .
وهي خطبة مرسلة لاسند لها ، فلا يمكن الأخذ بها ، ما عدا القسم الأول إلى قوله عليه السلام : « كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر » فهو مشهور رواه المحدثون والمؤرخون ، ويؤيده كلامه عليه السلام الذي يذكر فيه ثورة الزنج .
وقد شهد الرواة والمؤرخون أن أمير المؤمنين عليه السلام وصف ثورتهم قبل وقوعها بثلاثة قرون ، ومن ذلك خطبته في نهج البلاغة شرح الصالح / 148 خطبة 102 ، قال فيها : « فتن كقطع الليل المظلم ، لا تقوم لها قائمة ، ولا ترد لها راية ، تأتيكم مزمومة مرحولة ، يحفزها قائدها ويجهدها راكبها ، أهلها قوم شديد كلبهم قليل سلبهم ، يجاهدهم في سبيل الله قوم أذلة عند المتكبرين ، في الأرض مجهولون وفي السماء معروفون ، فويل لك يا بصرة عند ذلك ، من جيش من نقم الله لا رهج له ولا حس وسيبتلى أهلك بالموت الأحمر ، والجوع الأغبر » . وابن أبي الحديد : 7 / 102 .
قال الشريف الرضي رحمه الله : يومئ بذلك إلى صاحب الزنج ، ثم قال عليه السلام : ويل لسكككم العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور ، وخراطيم كخراطيم الفيلة ، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم ولا يفقد غائبهم » . انتهى .
وقد انطبقت الأوصاف التي ذكرها عليه السلام على قائد ثورة الزنج ، وكانت ثورتهم ردة فعل على الظلم والترف واضطهاد العبيد . وعامة جيشه من الزنوج الحفاة الذين لاخيل لهم ، وادعى أنه علوي ، ورد النسابون دعواه .
روايات غرق البصرة
أما غرق البصرة فقال عليه السلام في الخطبة رقم 13 : « كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم . أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق . المقيم بينكم
مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه . كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ، وقد بعث الله عليها العذاب من فوقها ، ومن تحتها ، وغرق من في ضمنها » .
وتنطبق هذه الأحداث على غرق البصرة الذي قال عنه في شرح النهج : 1 / 253 : « فأما إخباره عليه السلام أن البصرة تغرق ما عدا المسجد الجامع بها ، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها ، فتغرق ويبقى مسجدها . والصحيح أن المخبر به قد وقع ، فإن البصرة غرقت مرتين ، مرة في أيام القائم بأمر الله غرقت بأجمعها ، ولم يبق منها إلا مسجدها الجامع بارزاً بعضه كجؤجؤ الطائر حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام . جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام وخربت دورها وغرق كل ما في ضمنها ، وهلك كثير من أهلها ، وأحد هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة ، يتناقله خلفهم عن سلفهم » .
روايات خراب البصرة
روايات خراب البصرة ثلاثة أنواع : خرابها بالغرق ، وخرابها بثورة الزنج ، وخرابها بالخسف والتدمير . وقد وقع الخرابان الأولان في زمن العباسيين . أما خرابها الذي عدوه من علامات ظهور المهدي عليه السلام فعمدة رواياته اثنتان : الأولى : ما رواه المفيد رحمه الله في الإرشاد / 361 ، عن الصادق عليه السلام : « يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم بنار تظهر في السماء وحمرة تجلل السماء ، وخسف ببغداد ، وخسف ببلدة البصرة ، ودماء تسفك بها وخراب دورها وفناء يقع في أهلها ، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار » . ومثله إعلام الورى / 429 ، وعنهما إثبات الهداة : 3 / 733 ، و / 742 ، وفيه : وخسف بمنارة البصرة . وهو يدل على أنه الخسف محدود بمكان فهو غير ائتفاكها وانقلاب أسفلها أعلاها . فإن صحت تدل على أن الخسف الذي هو علامة للظهور في مكان منها .
والثانية : أن البصرة من المؤتفكات المذكورة في القرآن ، أي المدن المنقلبات بأهلها بالخسف والعقاب الإلهي ، وأنها ائتفكت ثلاث مرات وبقيت الرابعة . ففي البحار : 60 / 224 ، وغيره أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في خطبته في البصرة : « يا منذر ، إن للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في زبر الأول ، لا يعلمها إلا العلماء ، منها الخريبة ومنها تدمر ومنها المؤتفكة . . . إلى أن قال : يا أهل البصرة ، إن الله لم يجعل لأحد من أمصار المسلمين خطة شرف ولاكرم إلا وقد جعل فيكم أفضل من ذلك ، وزادكم من فضله بمنه ما ليس لهم . أنتم أقوم الناس قبلة ، قبلتكم على المقام حيث يقوم الإمام بمكة ، وقارؤكم أقرأ الناس ، وزاهدكم أزهد الناس ، وعابدكم أعبد الناس ، وتاجركم أتجر الناس وأصدقهم في تجارته ، ومتصدقكم أكرم الناس صدقة ، وغنيكم أشد الناس بذلاً وتواضعاً ، وشريفكم أكرم الناس خلقاً ، وأنتم أكثر الناس جواراً ، وأقلهم تكلفاً لما لا يعنيه ، وأحرصهم على الصلاة في جماعة ، ثمرتكم أكثر الثمار ، وأموالكم أكثر الأموال ، وصغاركم أكيس الأولاد ، ونساؤكم أمنع الناس وأحسنهن تبعلاً ، سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحاً لمعاشكم ، والبحر سبباً لكثرة أموالكم ، فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم مقيلاً وظلاً ظليلاً ، غير أن حكم الله ماض وقضاءه نافذ لامعقب لحكمه ، وهو سريع الحساب ، يقول الله : وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً .
إلى أن قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي يوماً وليس معه غيري : إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها وأعطاني أقاليدها ، وعلمني ما فيها وما قد كان على ظهرها ، وما يكون إلى يوم القيامة ، ولم يكبر ذلك علىّ كما لم يكبر على أبي آدم ، علمه الأسماء كلها ولم تعلمها الملائكة المقربون . وإني رأيت على شاطئ البحر قرية تسمى البصرة ، فإذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء ، وإنها لأسرع الأرض خراباً ، وأخشنها تراباً وأشدها عذاباً . ولقد خسف بها في القرون الخالية مراراً ، وليأتين عليها زمان وإن لكم يا أهل البصرة وما حولكم من القرى من الماء ليوماً عظيما بلاؤه . وإني لأعلم موضع منفجره من قريتكم هذه . ثم أمور قبل ذلك تدهمكم عظيمة أخفيت عنكم وعلمناها ، فمن خرج عنها عند دنو غرقها فبرحمة من الله سبقت له ، ومن بقي فيها غير مرابط فبذنبه » .
وروى في الكافي : 8 / 179 ، أن أبا بصير سأل الإمام الصادق عليه السلام عن قوله عز وجل : وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ؟ فقال : هم أهل البصرة هي المؤتفكة قلت : وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ؟ قال : أولئك قوم لوط ائتفكت عليهم انقلبت عليهم » .
وفي تفسير القمي : 2 / 383 : « المؤتفكات البصرة ، والخاطئة فلانة » .
وقد روت ائتفاك البصرة المصادر السنية ، ففي الأربعين البلدانية لابن عساكر : 1 / 436 ، ومعجم البلدان : 1 / 436 : « لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام البصرة بعد وقعة الجمل ارتقى منبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أهل البصرة ، يا بقايا ثمود ، يا أتباع البهيمة ، يا جند المرأة ، رغا فاتبعتم ، وعقر فانهزمتم ! أما إني ما أقول ما أقول رغبة ولا رهبة منكم ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : تفتح أرض يقال لها البصرة أقْوَمُ أرض الله قبلةً ، قارؤها أقرأ الناس وعابدها أعبد الناس وعالمها أعلم الناس ، ومتصدقها أعظم الناس صدقة . منها إلى قرية يقال لها الأبلة أربعة فراسخ ، يستشهد عند مسجد جامعها وموضع عشورها ثمانون ألف شهيد ، الشهيد يومئذ كالشهيد يوم بدر معي . وهذا الخبر بالمدح أشبه .
وفي رواية أخرى أنه رقي المنبر فقال : يا أهل البصرة ويا بقايا ثمود ، يا أتباع البهيمة ويا جند المرأة ، رغا فاتبعتم وعقر فانهزمتم ، دينكم نفاق ، وأحلامكم دقاق ، وماؤكم زعاق .
يا أهل البصرة والبصيرة والسبخة والخريبة ، أرضكم أبعد أرض الله من السماء وأقربها من الماء ، وأسرعها خراباً وغرقاً . ألا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أما علمت أن جبريل حمل جميع الأرض على منكبه الأيمن فأتاني بها ، ألا إني وجدت البصرة أبعد بلاد الله من السماء وأقربها من الماء وأخبثها تراباً وأسرعها خراباً ، ليأتين عليها يوم لا يرى منها إلا شرفات جامعها كجوجؤ السفينة في لجة البحر . ثم قال : ويحك يا بصرة ويلك من جيش لا غبار له . فقيل يا أمير المؤمنين : ما الويح وما الويل ؟ فقال : الويح والويل بابان فالويح رحمة والويل عذاب .
وفي رواية : أن علياً رضي الله عنه لما فرغ من وقعة الجمل دخل البصرة فأتى مسجدها الجامع ، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ثم قال : أما بعد فإن الله ذو رحمة واسعة ، فما ظنكم يا أهل البصرة ! يا أهل السبخة ، يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثاً وعلى الله الرابعة .
يا جند المرأة . . . إلى آخر ما تقدم . . ثم قال : انصرفوا إلى منازلكم وأطيعوا الله وسلطانكم . وخرج حتى صار إلى المربد والتفت وقال : الحمد لله الذي أخرجني من شر البقاع تراباً ، وأسرعها خراباً » .
وفي شرح مسلم للنووي : 1 / 153 : « قال صاحب المطالع : ويقال لها تدمر ويقال لها المؤتفكة ، لأنها ائتفكت بأهلها في أول الدهر » . وفي الفائق : 3 / 260 : « أنس : البصرة إحدى المؤتفكات ، فانزل في ضواحيها ، وإياك والملكة » . مَلك الطريق ومَلَكتُه : وسطه .
وفي الأربعين البلدانية : 5 / 219 : « في كلام أمير المؤمنين في ذم أهل البصرة . . . فهذا يدل على أن الائتفاك الانقلاب وليس بعلم لموضع بعينه ، إلا أن يكون لما انقلبت المؤتفكة ، سمي كل منقلب مؤتفكاً ، وصح من الاسم الصريح فعلاً » . ونحوه البدء والتاريخ / 436 .
وفي تفسير القمي : 2 / 339 : « المؤتفكة : البصرة ، والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام : يا أهل البصرة ويا أهل المؤتفكة ، ياجند المرأة وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم وعُقر فهربتم ، ماؤكم زعاق ، وأحلامكم رقاق ، وفيكم ختم النفاق ، ولُعنتم على لسان سبعين نبياً ! إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أن جبرئيل أخبره أنه طُويَت له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء ، وأبعدها من السماء ، وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال ، المقيم فيها مذنب ، والخارج منها متدارك برحمة ، وقد ائتفكت بأهلها مرتين وعلى الله تمام الثالثة ، وتمام الثالثة في الرجعة » .
وقد ذكرنا أن خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة مرسلة ، لا يمكن الأخذ بها ، ولو صح مضمونها في الجملة ، وأن البصرة ائتفكت في الماضي وستأتفك في المستقبل ، فلم يرد في أي نص منها تحديذ زمن ذلك أو أنه من علامات ظهورالإمام المهدي عليه السلام .
وقد حددته رواية تفسير القمي بأنه في الرجعة ، والرجعة قد تكون بعد دولة الإمام المهدي عليه السلام بقرون طويلة .
ويؤيد ذلك أن بعض رواياتها ذكرت أنه الخسف الموعود بقوله تعالى : وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً . وهذا أمرٌ عام قد يكون في الرجعة قبل القيامة ، ولا يختص بالبصرة .
الشيصباني طاغية العراق قبل السفياني
النعماني / 302 : « عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام عن السفياني فقال : وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني ، يخرج من أرض كوفان ، ينبع كما ينبع الماء ، فيقتل وفدكم ، فتوقعوا بعد ذلك السفياني ، وخروج القائم عليه السلام » . والشيصباني : الشيطاني ، ويستعمله الأئمة عليهم السلام للطواغيت . وأرض كوفان : العراق . ينبع كما ينبع الماء : أي يكون حكمه فجأة غير متوقع . يقتل وفدكم : أي وجهاء المؤمنين الذين يتقدمون الوفد ، ويكون قبل السفياني بقليل لقوله عليه السلام : فتوقعوا بعد ذلك السفياني . وهذه الصفات تنطبق على صدام ظاهراً ، فإن خرج بعده السفياني في الشام ، في عصرنا أو نحوه ، يكون صدام قطعاً شيصباني العراق الموعود .
الحسني الموعود
ورد ذكر الحسني في عدة أحاديث فبعضها ذكر الحسني النفس الزكية ، وقد عرفت أن النفس الزكية ثلاثة أشخاص : في ظهر الكوفة ، والمدينة ، ومكة . وبعضها ذكر حسنياً يقتل ، وقد يكون نفس الحسني الذي في ظهر الكوفة . وبعضها ذكر حسني المدينة وحسني مكة .
وقد اشتهر بين الناس أن الحسني هو الخراساني ، لكن لم أجد صلة الحسني بإيران في أي نص صحيح .
قال المفيد في الإرشاد : 2 / 368 : « فمنها « العلامات » : خروج السفياني وقتل الحسني » فهو يدل على قتل زعيم حسني ولم يعين بلده ، ويحتمل أن يكون من العراق .
وروى الطوسي في الغيبة / 280 ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أن الحسني يخرج من الحجازعند حركة الإمام المهدي عليه السلام إلى العراق ، ويدَّعي أنه هو المهدي ، ثم يعترف به ويسير معه ، قال : « يدخل المهدي الكوفة . . . ويخطب ولا يدري الناس وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله : كأني بالحسني والحسيني وقد قاداها فيسلمها إلى الحسيني فيبايعونه . فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس : يا ابن رسول الله ، الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله والمسجد لا يسعنا . . » .
وقال ابن طاووس / 145 : « ويلحقه الحسني في اثني عشر ألفاً ، فيقول له : أنا أحق بهذا الأمرمنك فيقول له : هات علامات دالة ، فيومئ إلى الطير فيسقط على كتفه ، ويغرس القضيب الذي بيده فيخضرويعشوشب . فيسلم إليه الحسني الجيش ويكون الحسني على مقدمته ، وتقع الصيحة بدمشق إن أعراب الحجاز قد جمعوا لكم » .
ونحوه رواية مرسلة في عقد الدرر / 90 : « وتسير الجيوش حتى تصير بوادي القرى في هدوء ورفق ، ويلحقه هناك ابن عمه الحسني في اثني عشر ألف فارس فيقول : يا ابن عم أنا أحق بهذا الجيش منك ، أنا ابن الحسن وأنا المهدي . فيقول المهدي : بل أنا المهدي . فيقول الحسني : هل لك من آية فنبايعك ؟ فيومئ المهدي إلى الطير فتسقط على يده ، ويغرس قضيباً في بقعة من الأرض فيخضر ويورق ، فيقول له الحسني : يا ابن عم هي لك . ويسلم إليه جيشه ويكون على مقدمته ، واسمه على اسمه » .
ونحوه في إلزام الناصب : 2 / 178 ، من خطبة البيان ، وفيها : « ثم يسير بالجيوش ، حتى يصير إلى العراق والناس خلفه وأمامه ، على مقدمته رجل اسمه عقيل ، وعلى ساقته رجل اسمه الحارث ، فيلحقه رجل من أولاد الحسن في اثني عشر ألف فارس ويقول : يا ابن العم أنا أحق منك بهذا الأمر ، لأني من ولد الحسن وهو أكبر من الحسين فيقول المهدي : إني أنا المهدي . فيقول له : هل عندك آية أو معجزة أو علامة ؟ فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيومئ إليه فيسقط في كفه ، فينطق بقدرة الله تعالى ويشهد له بالإمامة ، ثم يغرس قضيباً يابساً في بقعة من الأرض ليس فيها ماء فيخضر ويورق ، ويأخذ جلموداً كان في الأرض من الصخر ، فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع ، فيقول الحسني : الأمر لك ، فيسلم وتسلم جنوده » . انتهى .
فهذا كل ما ورد في الحسني ، وقد ضخم بعضهم رواياته وحمَّلها ما لا تحتمل ! بل ادعى بعضهم في العراق أنه هو الحسني ، وأنه وزير الإمام المهدي عليه السلام ، ولا يصح شئ من ذلك ، ولوصح وجود الحسني لكان شخصاً في أول أمره مخالفاً للإمام المهدي عليه السلام .
عوف السلمي الذي يخرج قبل السفياني
وقد ورد فيه رواية مرسلة في غيبة الطوسي / 270 : « عن حذلم بن بشير قال : « قلت لعلي بن الحسين عليه السلام : صف لي خروج المهدي ، وعرفني دلائله وعلاماته ، فقال : يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي ، بأرض الجزيرة ، ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق . ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند ، ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس ، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان ، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ، ثم يخرج بعد ذلك » .
أقول : قد يكون عوف السلمي هذا خارجاً على الحكومة السورية ، وإن صحت روايته فهو قبل السفياني بمدة غير طويلة . أما الجزيرة التي هي مركز حركته فهي اسم لمنطقة عند الحدود العراقية السورية ، فهذا هو المعنى المفهوم للجزيرة في كتب التاريخ والحديث عندما تطلق بدون إضافة . وتسمى أيضاً جزيرة ربيعة ولا يفهم منها جزيرة العرب إلا بإضافة . والظاهر أن معنى مأواه تكريت أنها ملجأه في فراره ، ويؤيد ذلك أنها قريبة من مركز حركته في الجزيرة .
والموجود في البحار وغيبة الطوسي « تكريت » فيكون ما ورد في بعض النسخ بدلها « ومأواه بكريت أو بكويت » مصحفاً عن تكريت . وتنص الرواية على أنه يقتل بعدها في مسجد دمشق ، فيكون خروجه من أحداث بلاد الشام ، وله صلة بالعراق .
أزمة الجوع والخوف والقتل قبيل ظهوره عليه السلام
في مسند أحمد : 2 / 262 ، عن أبي هريرة : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : منعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومنعت الشام مدها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم ، وعدتم من حيث بدأتم ! وقال : يشهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه ، قال أبو عبد الرحمن : سمعت يحيى بن معين ، وذكر أبا كامل فقال : كنت آخذ منه ذا الشأن ، وكان أبو كامل بغدادياً من الأمناء » .
وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي : 2 / 386 : « عن أبي نضرة قال : كنا عند جابر بن عبد الله فقال : يوشك أهل العراق أن لايجبى إليهم قفيز ولا درهم ، قلنا : من أين ذلك ؟ قال : من قبل العجم يُمنعون ذاك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لايجبى إليهم دينار ولا مد . قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم » .
وفي السنن في الفتن : 6 / 1118 : « عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مَنَعت العراق درهمها وقفيزها ، ومَنَعت الشام مدها ودينارها ، ومَنَعت مصر إردبَّها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم ! ثلاث مرات » . انتهى .
ومعناه أنه ستحدث أزمة اقتصادية على العرب ، فتمنع وصول المواد التموينية من العراق والشام ومصر إلى الحجاز ، ويرجع المسلمون إلى فقرهم قبل الإسلام . وإذا صحَّ الحديث فهو يتكلم عن مصادر تموين الحجاز في ذلك العصر ! وليس فيه ربط بالإمام المهدي عليه السلام ولعل سبب ربطهم به أنه ورد في رواية مسلم وأحمد في كلام جابر ، ثم تكلم بعده عن الإمام المهدي عليه السلام . قال أحمد في مسنده : 3 / 316 : « عن أبي نضرة قال : كنا عند جابر بن عبد الله قال : يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم ، قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل العجم يمنعون ذلك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مد ، قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم يمنعون ذاك . قال : ثم أمسك هنيهة ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثواً لا يعده عداً . قال الجريري فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء : أتريانه عمر بن عبد العزيز ؟ فقالا : لا » . ومثله في مسلم : 8 / 185 . لكن لا دليل فيه على ارتباط بالمهدي عليه السلام !
على أن الحاكم رواه « 4 / 454 » بدون ذكر المهدي عليه السلام وفي آخره : « والذي نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ ، ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها ، حتى يكون كل إيمان بالمدينة . »
لكن مصادرنا روت هذه الأزمة بشكل آخر ، ففي النعماني / 251 ، والعياشي : 1 / 68 ، عن الثمالي قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ قال : ذلك جوع خاص وجوع عام ، فأما بالشام فإنه عام ، وأما الخاص بالكوفة يخص ولا يعم ، ولكنه يخص بالكوفة أعداء آل محمد فيهلكهم الله بالجوع . وأما الخوف فإنه عام بالشام وذاك الخوف إذا قام القائم ، وأما الجوع فقبل قيام القائم عليه السلام ، وذلك قوله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ » .
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : « يزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء ، وحمرة تجلل السماء وخسف ببغداد ، وخسف ببلدة البصرة ، ودماء تسفك بها ، وخراب دورها وفناء يقع في أهلها . وشمول أهل العراق خوف لا يكون معه قرار » .
وفي كمال الدين : 2 / 649 : « عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إن قدام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين ، قلت : ما هي جعلني الله فداك ؟ قال : ذلك قول الله عز وجل : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ : يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ : قال : يبلوهم بشئ من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، والجوع بغلاء أسعارهم . وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ : قال : كساد التجارات وقلة الفضل . ونقص من الأنفس ، قال : موت ذريع . ونقص من الثمرات قال : قلة ريع ما يزرع .
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ عند ذلك بتعجيل خروج القائم عليه السلام . ثم قال لي : يا محمد هنا تأويله إن الله تعالى يقول : وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » .
وفي النعماني / 250 : « عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لابد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، فإن ذلك في كتاب الله لبين ، ثم تلا هذه الآية : نَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ » .
ومعنى اختصاص الجوع بأعداء أهل البيت عليهم السلام في العراق ، أنه تكون أزمة ، تعاني منها مناطق من العراق دون مناطق . ومعنى قدام القائم عليه السلام : قريب ظهوره .
نزول قوات الروم الغربية في العراق
في غيبة الطوسي / 278 : « عن عمار بن ياسر أنه قال : إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ولها أمارات ، فإذا رأيتم فالزموا الأرض وكفوا حتى تجئ أماراتها ، فإذا استثارت عليكم الروم والترك وجهزت الجيوش ، ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال ، واستخلف بعده رجل صحيح فيخلع بعد سنين من بيعته ، ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ ، ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض ، وينادي مناد من سور دمشق : ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب ، ويخسف بغربي مسجدها حتى يخرحائطها . ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك : رجل أبقع ورجل أصهب ، ورجل من أهل بيت أبي سفيان ، يخرج في كلب ويحصر الناس بدمشق ، ويخرج أهل الغرب إلى مصر ، فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني ، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد عليهم السلام .
وتنزل الترك الحيرة وتنزل الروم فلسطين ، ويسبق عبدُ الله عبدَ الله حتى يلتقي جنودهما بقرقيسيا على النهر ، ويكون قتال عظيم ، ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء ، ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني ، فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا . ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد صلى الله عليه وآله ويقتل رجلاً من مسميهم . ثم يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح .
وإذا رأيتم أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان ، فالحقوا بمكة ، فعند ذلك تقتل النفس الزكية وأخوه بمكة ضيعةً ، فينادي مناد من السماء : أيها الناس إن أميركم فلان ، وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » . انتهى .
ولم يسندوا كلام عمار إلى النبي صلى الله عليه وآله كما أن صحة السند إلى عمار محل إشكال . لكن مضامينه وردت في أحاديث مسندة وهو يدل على تحرك للروم والترك سنة الظهور . لأنه جعل تحركهما علامة للمهدي عليه السلام .
ومعنى : استثارت : تحركت من ذاتها على بلاد المسلمين طمعاً فيها . ومعنى : يتخالف الترك والروم ، أي في صراعهم على النفوذ والسيطرة بعد أن كانوا متحالفين . وتكثر الحروب في الأرض : أي في مناطقها المختلفة ، وهذا موجود في عصرنا وقبله ، فلا تكاد قارة تخلو من حرب أو أكثر ، وذلك بسبب استثارة الروم ، وتحريك اليهود وإشعالهم فتيل الحروب . ويظهر أن صاحب المغرب والقيسي واليماني قادة فئات مسلحة ، تشارك في الحرب في قرقيسيا .
هذا ، وعدَّ المفيد رحمه الله من علامات الظهور ربط خيل المغرب بفناء الحيرة ، أي يستقر جيشهم قرب الكوفة والنجف . في الإرشاد : 2 / 368 : « فيحتمل أن تكون هذه القوات الغربية قبل السفياني . أما رايات المشرق الخراسانية فهي التي تدخل مع قوات اليماني لنصرة المهدي عليه السلام في سنة ظهوره عليه السلام . وكذا بثق الفرات وفيضانه في الكوفة » .
هدم سور مسجد الكوفة
وقد عدَّه المفيد رحمه الله في علامات الظهور ، ورواه النعماني / 276 : « عن خالد القلانسي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخره مما يلي دار ابن مسعود ، فعند ذلك زوال ملك بني فلان ، أما إن هادمه لا يبنيه » .
وفي غيبة الطوسي / 283 : « حتى انتهى « أمير المؤمنين عليه السلام » إلى مسجد الكوفة وكان مبنياً بخزف ودنان وطين فقال : ويل لمن هدمك ، وويل لمن سهَّل هدمك ، وويل لبانيك بالمطبوخ ، المغير قبلة نوح ، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي ، أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة » .
أقول : هذه العلامة صريحة باتصالها بظهور الإمام صلوات الله عليه ، نعم قد يناقش في وقت هدم جدار المسجد وهل هو في سنة الظهور أم قبلها بسنوات ؟
قوات السفياني أو القوات السورية في العراق
يرسل السفياني حاكم سوريا قوة عسكرية إلى الحجازوأخرى إلى العراق ، وتسمى في الأحاديث جيش السفياني ، يعني الجيش السوري المنتدب لحفظ الأمن في المدينة المنورة ، وشبيهه في العراق ، ولا تذكر الروايات من الذي ينتدبه ، ولعلها الدول الكبرى !
وأحاديث هذين الجيشين كثيرة في مصادر الطرفين ، تتحدث عن خبرهما ، ويعرف جيشه الذي يرسله إلى الحجاز بجيش الخسف ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وقف في مكان وأخبرعنه وقال سيخسف به هنا ، ونزلت فيه آية .
أما وقت دخول جيش السفياني إلى المدينة والعراق ، فتذكر بعض الروايات أنه في رمضان بعد حكم السفياني لسوريا في رجب .
روى النعماني / 306 : « عن يونس بن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا وجيشاً إليكم ، فإذا كان كذلك ، فأتونا على كل صعب وذلول » .
ولا يعني ذلك أن السفياني يحكم العراق ، ولا أنه يجب على المؤمنين أن يتركوا له الساحة ، بل هو توجيه لبعض أصحابهم الخاصين أن يغادروا العراق إلى الحجاز لنصرة الإمام المهدي عليه السلام .
وفي تفسير القمي : 2 / 205 : « فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم ، وهو قوله : وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيب : يعني بالقائم من آل محمد عليهم السلام . وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ » .
وقد حاول رواة السلطة تحريف جيش السفياني بتضخيمه ونسج الكذب عليه ، كما في رواية ابن حماد : 1 / 291 : « عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا ظهر الأبقع مع قوم ذوي أجسام ، فتكون بينهم ملحمة عظيمة ، ثم يظهر الأخوص السفياني الملعون فيقاتلهما جميعاً ، فيظهر عليهما جميعاً ، ثم يسير إليهم منصوراليماني من صنعاء بجنوده ، وله فورة شديدة يستقل الناس قبل الجاهلية ، فيلتقي هو والأخوص وراياتهم صفر وثيابهم ملونة ، فيكون بينهما قتال شديد ، ثم يظهر الأخوص السفياني عليه ، ثم يظهر الروم وخروج إلى الشام ، ثم يظهر الأخوص ، ثم يظهر الكندي في شارة حسنة ، فإذا بلغ تل سما فأقبل ثم يسير إلى العراق . وترفع قبل ذلك اثنتا عشرة راية بالكوفة معروفة منسوبة ، ويقتل بالكوفة رجل من ولد الحسن أو الحسين ، يدعو إلى أبيه ، ويظهر رجل من الموالي ، فإذا استبان أمره وأسرف في القتل قتله السفياني » .
والحشو في هذه الرواية ظاهر ، وأمثالها كثير !
الزرقاوي هو صاحب السفياني ؟
غيبة الطوسي / 273 ، و 450 : « عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كأني بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه : من جاء برأس شيعة عليٍّ فله ألف درهم ، فيثب الجارعلى جاره ويقول : هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم ! أما إن إمارتكم يومئذ لا تكون إلا لأولاد البغايا ، وكأني أنظر إلى صاحب البرقع ! قلت : ومن صاحب البرقع ؟ فقال : رجل منكم يقول بقولكم ، يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولاتعرفونه ، فيغمز بكم رجلاً رجلاً ، أما إنه لا يكون إلا ابن بغي » !
وبهامشه : « في البحار ونسخ خطية من غيبة الطوسي : بصاحب السفياني » .
أقول : معنى صاحب السفياني أنه مقدمة له في عمله ضد أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم ، ولا يلزم أن يكون زمن خروجه متصلاً بخروج السفياني ، فقد يكون قبله بفترة ، فيمكن انطباقه على الزرقاوي ، لأنه أعطى على رأس الشيعي ألف دولار ! ويؤيده الحديث الصحيح بأنه يخرج قبل السفياني مقدمة له مصري ويماني فيمكن انطباقه على الظواهري المصري وابن لادن اليماني .
ضعف رواية دخول جيش السفياني إلى إيران
قال ابن حماد : 1 / 308 : « عن أرطاة قال : يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام ويقتل من أهلها ستين ألفاً ، ثم يمكث فيها ثماني عشرة ليلة ، يقسم أموالها . ودخوله مكة بعد ما يقاتل الترك والروم بقرقيسيا . . وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء ، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون ، ثم ينزل الكوفة حتى يستنقذ من فيها من بني هاشم .
ويخرج قوم من سواد الكوفة يقال لهم العُصب ، ليس معهم سلاح إلا قليل ، وفيهم نفر من أهل البصرة فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة . وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي » .
وروى ابن حماد : 1 / 321 : « ، شبيها بحشو هذه الرواية عن شريح بن عبيد ، وراشد بن سعد ، وضمرة بن حبيب ، ومشايخهم قالوا : يبعث السفياني خيله وجنوده ، فيبلغ عامة الشرق من أرض خراسان وأرض فارس . . » .
وهذه كما ترى أقوال أشخاص وفيها تهافت ، فلا يمكن الأخذ بها ، وهي تعكس أمنيات أتباع بني أمية أن تحتل قواتهم خراسان والعراق !
ضعف رواية معركة إصطخر قرب الأهواز
ابن حماد : 1 / 302 : « عن أبي رومان ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان ، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي فيلتقي هو والهاشمي برايات سود ، على مقدمته شعيب بن صالح ، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر ، فتكون بينهم ملحمة عظيمة فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني ، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه . ومثل ذلك قوله : يلتقي السفياني والرايات السود ، فيهم شاب من بني هاشم في كفه اليسرى خال ، وعلى مقدمته رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح بباب إصطخر ، فتكون بينهم ملحمة » .
أقول : قد أكثر ابن حماد من روايات أقوال رواته الأمويين بدون سند ، في تضخيم جيش السفياني ، وزعموا أنه يسيطر على العراق ويدخل خراسان . ولا يمكن قبول هذه الرواة لأنها مرسلة مقطوعة ، ومهمة جيش السفياني محدودة بحفظ الأمن في المدينة وفي منطقة من العراق .
وروى في مختصر البصائر / 199 : رواية سماها خطبة المخزون ، فيها تضخيم لدور السفياني في العراق كمراسيل ابن حماد وأقاويل رواته ، وذكر فيها أن السفياني يقصد الكوفة بجيشه البالغ مئة وثمانين ألفاً ، ويقتل سبعين ألفاً . وهذا من أمنيات الأمويين وخيالاتهم . ولا يمكن قبول ذلك .
يفتح الإمام المهدي عليه السلام العراق ويتخذه عاصمة له
وأحاديثه كثيرة في مصادر الجميع ، وأنه يحرر العراق من بقايا قوات السفياني ومجموعات الخوارج ، ويتخذه قاعدة له وعاصمة لدولته . ولم أجد تحديداً دقيقاً لوقت دخوله عليه السلام إلى العراق ، لكنه يكون بعد بضعة شهور من ظهوره المقدس في مكة ، وتحرير الحجاز كله . وتصف بعض الروايات دخوله إلى العراق جواً وكأنه بسرب من الطائرات !
فعن الإمام الباقر عليه السلام : « ينزل القائم يوم الرجفة بسبع قباب من نور لا يعلم في أيها هو ، حتى ينزل ظهر الكوفة . وفي رواية : إنه نازل في قباب من نور حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق ، فهذا حين ينزل » . « تفسير العياشي : 1 / 103 » .
وتقدم في فصل أصحابه عليه السلام أن قواته تدخل إلى العراق مشياً :
« قال أبو جعفر عليه السلام : إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وَقْرُ بعير ، ولا ينزل منزلاً إلا انبعث عين منه ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان ظمآناً روي ، فهو زادهم حتى نزلوا النجف من ظهر الكوفة » .
« ويحمل معه حجر موسى بن عمران الذي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً ، فلا ينزل منزلاً إلا نصبه فانبعثت منه العيون . . انبعث منه الماء واللبن دائماً ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان عطشاناً رُوي » . « البصائر 188 / «
فهو يرسل جيشه براً بقيادة أحد أصحابه ، ويدخل هو عليه السلام جواً في سبع قباب من نور .
وفي البحار : 52 / 387 : « عن علي بن الحسين عليه السلام قال : يقتل القائم عليه السلام من أهل المدينة حتى ينتهي إلى الأجفر « مكان بين المدينة والعراق » ويصيبهم مجاعة شديدة ، قال : فيصبحون وقد نبتت لهم ثمرة يأكلون منها ويتزودون منها ، وهو قوله تعالى شأنه : وَآيَةٌ لَهُمُ الأرض الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ، ثم يسير حتى ينتهي إلى القادسية ، وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني » .
أقول : يشكل على هذه الرواية بأن الإمام عليه السلام يذهب إلى العراق جواً ، وجيشه يكون معهم حجر موسى عليه السلام . ، إلا أن يأتي الامام إلى ذلك المكان بعد دخوله العراق .
يدخل العراق وفيه ثلاث رايات قد اضطربت فيما بينها
تذكر الأحاديث أنه يدخل الكوفة ، أي العراق ، وفيه ثلاث اتجاهات متضاربة وهي الاتجاه المؤيد له عليه السلام والبترية والخوارج . فعن عمرو بن شمر عن الإمام الباقر عليه السلام قال : « ذُكر المهدي عليه السلام فقال : يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له . ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء ، فإذا كانت الجمعة الثانية سأله الناس أن يصلي بهم يوم الجمعة ، فيأمر أن يخط له مسجد على الغري ويصلي بهم هناك ، ثم يأمر من يحفر من ظهر مشهد الحسين عليه السلام نهراً يجري إلى الغريين ، حتى ينزل الماء في النجف ، ويعمل على فوهته القناطير والأرحاء ، فكأني بالعجوز على رأسها مكتل فيه بُر ، تأتي تلك الأرحاء فتطحنه بلا كرى » . « الإرشاد للمفيد / 362 » .
أقول : هذه الصورة للمرأة تطحن حنطتها مجاناً في مطاحن نهر الفرات ، صورة من عصر الإمام الباقر عليه السلام ، وإذا صحت الرواية فهو يريد تقريب المعنى بصورة من عصره .
وفي غيبة الطوسي / 280 : « عن ثابت ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل جاء فيه قوله عليه السلام : يدخل المهدي الكوفة . . ويخطب ولا يدري الناس ما يقول من البكاء ! وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله كأني بالحسني والحسيني وقد قاداها فيسلمها إلى الحسيني فيبايعونه ، فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس : يا ابن رسول الله الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله والمسجد لا يسعنا ، فيقول : أنا مرتادٌ لكم ، فيخرج إلى الغري فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس ، عليه أصيص ، ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين عليه السلام لهم نهراً يجري إلى الغريين حتى ينبذ في النجف ، ويعمل على فوهته قناطر وأرحاء في السبيل ، وكأني بالعجوز وعلى رأسها مكتل فيه بر حتى تطحنه بلا كراء » .
وفي البحار : 100 / 385 ، عن كتاب الفضل بن شاذان : فيجري خلف قبر الحسين عليه السلام نهراً يجري إلى الغري حتى يجري في النجف » . الخ . والبناء الأصيص : المحكم .
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « يبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب ، وتتصل بيوت الكوفة بنهري كربلاء والحيرة ، حتى يخرج الرجل على بغلة سفواء يريد الجمعة فلا يدركها » . « الغيبة للطوسي / 280 » . والسفواء : الخفيفة السريعة ، أي يركب وسيلة خفيفة سريعة فلا يدرك صلاة الجمعة ، لأنه لا يجد محلاً فارغاً للصلاة .
وفي أمالي الصدوق / 189 مجلس / 40 : « عن الأصبغ بن نباتة قال : بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذ قال : يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب به أحداً ، ففضل مصلاكم وهو بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر ومصلاي . وإن مسجدكم هذا أحد الأربعة المساجد التي اختارها الله عز وجل لأهلها ، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين ، شبيه بالمحرم يشفع لأهله ولمن صلى فيه فلا ترد شفاعته . ولا تذهب الأيام حتى ينصب فيه الحجر الأسود . وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي ، ومصلى كل مؤمن ، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه ، فلا تهجروه وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه ، وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم ، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبواً على الثلج » .
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : 10 / 13 : « ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيها الملاحم ، وهو يشير إلى القرامطة : ينتحلون لنا الحب والهوى ويضمرون لنا البغض والقلى ، وآية ذلك قتلهم وراثنا وهجرهم أحداثنا ! وصح ما أخبر به لأن القرامطة قتلت من آل أبي طالب عليه السلام خلقاً كثيراً .
وفي هذه الخطبة قال وهو يشير إلى السارية التي كان يستند إليها في مسجد الكوفة : كأني بالحجر الأسود منصوباً هاهنا ، ويحهم إن فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه وأسه ، يمكث ها هنا برهةً ثم ها هنا برهة ، وأشار إلى البحرين ، ثم يعود إلى مأواه وأم مثواه ! ووقع الأمر في الحجر الأسود بموجب ما أخبر به » .
ينزل الإمام عليه السلام في النجف أولاً
تذكر الأحاديث أن الإمام المهدي عليه السلام عندما يدخل العراق ، يدخل إلى النجف ، ثم يتجه إلى مسجد السهلة ، وقد أوردنا في الفصل الثاني عشر حديث كامل الزيارات / 119 ، والعياشي : 2 / 56 ، في نصره عليه السلام بالملائكة .
وفي البحار : 52 / 308 : « عن الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يُبايع القائم بمكة على كتاب الله وسنة رسوله ، ويستعمل على مكة ، ثم يسير نحو المدينة فيبلغه أن عامله قتل ، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ولا يزيد على ذلك . ثم ينطلق فيدعو الناس بين المسجدين إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله والولاية لعلي بن أبي طالب والبراءة من عدوه ، حتى يبلغ البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيخسف الله بهم .
وفي خبر آخر : يخرج إلى المدينة فيقيم بها ما شاء ، ثم يخرج إلى الكوفة ويستعمل عليها رجلاً من أصحابه ، فإذا نزل الشفرة جاءهم كتاب السفياني إن لم تقتلوه لأقتلنَّ مقاتليكم ولأسبينَّ ذراريكم ، فيقبلون على عامله فيقتلونه ، فيأتيه الخبر فيرجع إليهم فيقتلهم ويقتل قريشاً حتى لا يبقى منهم إلا أكلة كبش ، ثم يخرج إلى الكوفة ، ويستعمل رجلاً من أصحابه ، فيقبل وينزل النجف » .
وفي دلائل الإمامة / 243 : « عن أمير المؤمنين عليه السلام : كأنني به قد عبر من وادي السلام إلى مسجد السهلة ، على فرس محجل له شمراخٌ يزهر ، ويدعو ويقول في دعائه : لا إله إلا الله حقاً حقاً ، لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً ، لا إله إلا الله تعبداً ورقاً ، اللهم معين كل مؤمن وحيد ، ومذل كل جبار عنيد ، أنت كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليَّ الأرض بما رحبت ، اللهم خلقتني وكنت عن خلقي غنياً ، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين . يا مُبَعْثِرَ الرحمة من مواضعها ، ومخرج البركات من معادنها ، ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة فأولياؤه بعزه يتعززون ، يامن وضعت له الملوك نير المذلة على أعناقها فهم من سطوته خائفون ، أسألك باسمك الذي قصرت عنه خلقك فكل لك مذعنون ، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد ، وأن تنجز لي أمري ، وتعجل لي الفرج ، وتكفيني وتعافيني ، وتقضي حوائجي ، الساعة الساعة الليلة الليلة ، إنك على كل شئ قدير » .
وفي تفسير العياشي : 1 / 103 ، والنعماني / 308 : « عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا أبا حمزة كأني بقائم أهل بيتي قد علا نجفكم ، فإذا علا فوق نجفكم نشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر . قلت : وما راية رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : عمودها من عمد عرش الله ورحمته ، وسايرها من نصر الله ، لايهوي بها إلى شئ إلا أهلكه الله ! قلت : فمخبوءة عندكم حتى يقوم القائم عليه السلام أم يؤتى بها ؟ قال : لا بل يؤتى بها ، قلت : من يأتيه بها ؟ قال : جبرئيل عليه السلام » .
وفي أمالي المفيد / 45 : « عن أبي خالد الكابلي قال : قال لي علي بن الحسين عليه السلام : يا أبا خالد لتأتين فتن كقطع الليل المظلم لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه ، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ، ينجيهم الله من كل فتنة مظلمة . كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان ، في ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، وإسرافيل أمامه ، معه راية رسول الله صلى الله عليه وآله قد نشرها ، لايهوي بها إلى قوم إلا أهلكهم الله عز وجل » .
وفي الإرشاد / 362 : « عن أبي جعفر عليه السلام : كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه ، وهو يفرق الجنود في البلاد » .
وفي غيبة الطوسي / 275 : « عن أبي جعفر عليه السلام : إذا دخل القائم الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها أو يجئ « يحنُّ » إليها .
ملاحظات
أولاً : يلفتنا في أحاديث العراق أن الإمام عليه السلام يدخله في سبع قباب من نور كأنه سرب طائرات . ويرسل جيشه مشياً ومعهم حجر موسى عليه السلام ، وهومعجزة لتموينهم .
ثانياً : يظهرعلى العالم بأجهزة جديدة ، ومعجزات ! ففي حديث كامل الزيارات الصحيح / 119 قال الإمام الصادق عليه السلام : « كأني بالقائم على نجف الكوفة ، وقد لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله فينتفض هو بها فتستديرعليه فيغُشِّيها بحداجة من إستبرق ، ويركب فرساً أدهم بين عينيه شمراخ ، فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم ، فينشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شئ أبداً إلا هتكه الله ، فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد » .
وتقدمت الرواية في أن راية النبي صلى الله عليه وآله نُشرت آخر مرة في حرب الجمل بالبصرة ، ثم شاء الله تعالى أن يكون نشرها بيد المهدي عليه السلام عند قبرأميرالمؤمنين عليه السلام ، ومعها ملائكتها ، ووسائل قوة ربانية !
وذكرت بعض الروايات أن الإمام عليه السلام يستخرج أسلحة وتجهيزات له من أرض النجف والكوفة ، أو يؤتى له بها إلى هناك ! ففي ملاحم ابن المنادي / 64 ، أن أمير المؤمنين عليه السلام قال :
« وإني لأعلم إلى من تُخرج الأرض ودايعها ، وتسلم إليه خزائنها ، ولو شئت أن أضرب برجلي فأقول أخرجوا من هاهنا بيضاً ودروعاً » ! أي خوذاً ، وآلات حرب .
وفي الإختصاص / 334 : « عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إذا قام القائم أتى رحبة الكوفة فقال برجله هكذا ، وأومأ بيده إلى موضع ، ثم قال : إحفروا هاهنا فيحفرون فيستخرجون اثني عشر ألف درع ، واثني عشر ألف سيف ، واثني عشر ألف بيضة ، لكل بيضة وجهان ، ثم يدعو اثني عشر ألف رجل من الموالي من العرب والعجم فيلبسهم ذلك ، ثم يقول : [ إذهبوا ] من لم يكن عليه مثل ما عليكم فاقتلوه » .
وسيأتي في خبر الخوارج البترية أن أمير المؤمنين عليه السلام : « خرج يمشي حتى انتهى إلى باب قصر الإمارة بالكوفة ، فركض رجله فتزلزلت الأرض ، ثم قال : أما والله لقد علمت ما هاهنا ، أما والله لو قد قام قائمنا لأخرج من هذا الموضع اثني عشر ألف درع واثني عشر ألف بيضة ، لها وجهان ، ثم ألبسها اثني عشر ألف رجلاً من ولد العجم ، ثم ليأمرهم ليقتلن كل من كان على خلاف ما هم عليه ، وإني أعلم ذلك وأراه كما أعلم هذا اليوم » .
وذكرت الروايات أن الإمام عليه السلام يرسل هؤلاء الاثني عشر ألفاً إلى مدينة فيها الخوارج ، ويقول لهم : من لم يكن لابساً مثلكم فاقتلوه . وهذه الأسلحة والتجهيزات كرامة إلهية ، وقد تكون للإمام عليه السلام مصانع للأسلحة ، ويكون خبأها هناك .
ثالثاً : وصفت الأحاديث ناراً تقع بالكوفة عند ظهورالمهدي عليه السلام ، وقد تكون ناراً حقيقية أو تعبيراً عن قوة عسكرية تضرب أعداءه عليه السلام . ففي غيبة النعماني / 272 ، عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى : سَأل سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاِقع ، قال : « تأويلها فيما يأتي : عذاب يقع في الثوية يعني ناراً حتى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتى تمر بثقيف ، لا تدع وتراً لآل محمد إلا أحرقت ، وذلك قبل خروج القائم عليه السلام » . وعنه عليه السلام « الكافي : 8 / 206 » في قوله تعالى : بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ، قال : قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ، فلايدعون وتراً لآل محمد صلى الله عليه وآله إلا قتلوه » .
وروى القمي في تفسيره « 2 / 385 » : « سئل أبو جعفر عليه السلام عن معنى سَأَلَ سَائِلٌ . . فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع داراً لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ولا داراً فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها ، وذلك المهدي عليه السلام » .
أقول : إن صحت هذه الروايات فالمرجح أن تلك النار والأحداث على أعدائه تكون قرب دخوله إلى العراق . أما دار سعد بن همام فمحلة بالكوفة ، ففي تاريخ الكوفة / 454 ، والفوائد الرجالية : 1 / 229 : « جمع من روى الحديث من آل أعين فكانوا ستين رجلاً . وحدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن لاحق الشيباني عن مشايخه : أن بني أعين بقوا أربعين سنة أربعين رجلاً لا يموت منهم رجل إلا ولد فيهم غلام ، وهم على ذلك يستولون على دور بني شيبان في خطة بني سعد بن همام ، ولهم مسجد الخطة يصلون فيه ، وقد دخله سيدنا أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وصلى فيه » .
وسعد هذا يروي عن أبي هريرة « التحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي : 1 / 425 » . ودار سعد قد تكون هنا رمزاً لأعداء الإمام المهدي ، لأنهم مضرب المثل في الشر ! قال في خزانة الأدب « 7 / 415 » : « وسمير وعبد الله وعمرو ، أولاد سعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، وهم سيارة مَرَدَة ، ليس يأتون على شئ إلا أفسدوه » .
وروى النعماني في الغيبة / 279 : « عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا جابر لا يظهر القائم حتى يشمل الناس بالشام فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه ، ويكون قتل بين الكوفة والحيرة قتلاهم على سواء ، وينادي مناد من السماء » .
وإن صحت الرواية فهي من أحداث العراق المتزامنة مع فتنة الشام أو بعدها .
الإمام المهدي عليه السلام هو الآخذ بثأر الحسين عليه السلام
في كامل الزيارات / 336 : « عن الحلبي قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : لما قتل الحسين عليه السلام سمع أهلنا قائلاً يقول بالمدينة : اليوم نزل البلاء على هذه الأمة ، فلا ترون فرجاً حتى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم ويقتل عدوكم ، وينال بالوتر أوتاراً » .
وفي كامل الزيارات / 63 : « عن محمد بن سنان ، عن رجل قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ؟ قال : ذلك قائم آل محمد يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفاً ، وقوله : فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ : لم يكن ليصنع شيئاً يكون سرفاً . ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : يقتل والله ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها » .
الكافي : 1 / 465 : « عن محمد بن حمران قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان ، ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت : يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك ؟ قال : فأقام الله لهم ظل القائم وقال : بهذا أنتقم لهذا » .
وفي الكافي : 1 / 534 : « عن كرَّام قال : حلفت فيما بيني وبين نفسي ألا آكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمد ، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألا يأكل طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمد ؟
قال : فصم إذاً يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ، ولا إذا كنت مسافراً ولا مريضاً ، فإن الحسين عليه السلام لما قتل عجَّت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة فقالوا : يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نُجِدَّهم عن جديد الأرض بما استحلوا حرمتك وقتلوا صفوتك ! فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي أسكنوا ، ثم كشف حجاباً من الحجب فإذا خلفه محمد صلى الله عليه وآله واثنا عشر وصياً له ، وأخذ بيد فلان القائم من بينهم فقال : يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي ، بهذا أنتصر لهذا . قالها ثلاث مرات » .
وفي علل الشرايع / 160 : « عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام : يا ابن رسول الله لم سمي علي عليه السلام أمير المؤمنين وهو إسمٌ ما سمي به أحد قبله ، ولا يحل لأحد بعده ؟ قال : لأنه ميرة العلم يُمتار منه ولا يُمتار من أحد غيره . قال : فقلت : يا ابن رسول الله ، فلم سمي سيفه ذا الفقار ؟ فقال عليه السلام : لأنه ما ضرب به أحد من خلق الله إلا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده ، وأفقره في الآخرة من الجنة . قال : فقلت : يا ابن رسول الله فلستم كلكم قائمين بالحق ؟ قال : بلى . قلت : فلم سمي القائم قائماً ؟ قال : لما قتل جدي الحسين عليه السلام ضجت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب ، وقالوا : إلهنا وسيدنا أتغفل عمن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك ؟ فأوحى الله عز وجل إليهم : قروا ملائكتي فوعزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين . ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين عليه السلام للملائكة فسَُّرت الملائكة بذلك ، فإذا أحدهم قائم يصلي فقال الله عز وجل : بذلك القائم أنتقم منهم » .
وفي غيبة الطوسي / 115 : « عن الفضيل بن الزبير قال : سمعت زيد بن علي يقول : هذا المنتظر من ولد الحسين بن علي في ذرية الحسين وفي عقب الحسين عليه السلام . وهو المظلوم الذي قال الله تعالى : ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً : قال : وليه رجل من ذريته من عقبه ثم قرأ : وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ . . . فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ : قال : سلطانه حجته على جميع من خلق الله تعالى ، حتى يكون له الحجة على الناس ، ولا يكون لأحد عليه حجة » .
وفي تفسير القمي : 2 / 84 : « عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا : قال : إن العامة يقولون نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة ، وإنما هي للقائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام ، وهو قوله : نحن أولياء الدم وطلاب الدية » .
وفي مناقب آل أبي طالب : 4 / 85 : « عن الإمام زين العابدين عليه السلام في قصة قتل الملك الروماني ليحيى بن زكريا عليه السلام وكيف سلط الله عليهم من قتل منهم على دمه سبعين ألفاً ! جاء فيه قول الحسين عليه السلام : يا ولدي يا علي ، والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفاً » .
وفي تفسير العياشي : 2 / 290 : « عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً : قال : هو الحسين بن علي عليه السلام قتل مظلوماً ونحن أولياؤه ، والقائم منا إذا قام طلب بثأر الحسين فيَقتل حتى يقال قد أسرف في القتل . وقال : المقتول الحسين عليه السلام ووليه القائم ، والإسراف في القتل : أن يقتل غير قاتله . إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً : فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله صلى الله عليه وآله يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً » .
وفي الكافي : 4 / 170 : « عن رزين قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لما ضُرب الحسين بن علي بالسيف فسقط ثم ابتدر ليقطع رأسه ، نادى مناد من بطنان العرش : ألا أيتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها ، لا وفقكم الله لأضحى ولا لفطر ! قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون حتى يثأر ثائر الحسين عليه السلام » .
تفسير فرات / 122 : « عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً : قال : سمى الله المهدي المنصور ، كما سمى أحمد محمداً ، وكما سمى عيسى المسيح عليه السلام » .
وفي تفسير القمي : 2 / 87 : « وَمَنْ عَاقَبَ : يعني رسول الله صلى الله عليه وآله بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ : يعني حسيناً أرادوا أن يقتلوه . ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ : يعني بالقائم من ولده » .
الخوارج على الإمام المهدي عليه السلام
تدل الأحاديث على أن الحركات المضادة للإمام عليه السلام هم جماعة السفياني والبترية ، وأنه عليه السلام يستعمل معهم الشدة تنفيذاً لعهد جده صلى الله عليه وآله . . ففي النعماني / 231 : « عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له : صالحٌ من الصالحين سَمِّه لي أريد القائم عليه السلام ، فقال : اسمه اسمي ، قلت : أيسير بسيرة محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال : هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته ! قلت : جعلت فداك لمَ ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله سار في أمته بالمنِّ كان يتألف الناس ، والقائم يسير بالقتل ، بذاك أمر في الكتاب الذي معه ، أن يسير بالقتل ولايستتيب أحداً ، ويلٌ لمن ناواه » . وفي النعماني / 169 : « عن عبد الله بن عطاء قال : قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام : أخبرني عن القائم عليه السلام ، فقال : والله ما هو أنا ، ولا الذي تمدون إليه أعناقكم . لا تعرف ولادته . قلت : بما يسير ؟ قال : بما سار به رسول الله صلى الله عليه وآله هَدَرَ ما قبله واستقبل » .
وفي النعماني / 299 : « عن يعقوب السراج قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ثلاث عشرة مدينة وطائفة ، يحارب القائم أهلها ويحاربونه : أهل مكة ، وأهل المدينة ، وأهل الشام ، وبنو أمية ، وأهل البصرة ، وأهل دست ميسان ، والأكراد ، والأعراب ، وضبة ، وغنى ، وباهلة ، وأزد ، وأهل الري » .
وقد يكون المعنى أن أعداء الإمام عليه السلام يكونون كأهل هذه البلاد في ذلك العصر ، حيث كانوا أعداء لأهل البيت عليهم السلام .
البتريون أول الخوارج على الإمام عليه السلام
أول خارجة على الإمام المهدي عليه السلام في العراق ، البترية الذين يقولون نتولى أهل البيت عليهم السلام ولا نتبرأ من ظالميهم !
ففي دلائل الإمامة / 241 : « عن أبي الجارود أنه سأل الإمام الباقر عليه السلام : متى يقوم قائمكم ؟ قال : يا أبا الجارود لاتدركون ! فقلت : أهل زمانه ؟ فقال : ولن تدرك أهل زمانه ! يقوم قائمنا بالحق بعد إياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد ، فإذا كان اليوم الرابع تعلق بأستار الكعبة فقال : يا رب انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الذين نصروا رسول الله يوم بدر ولم يحطوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم فيبايعونه ، ثم يبايعه من الناس ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً ! يسير إلى المدينة فيسير الناس ، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفاً من البترية شاكين في السلاح ، قراء القرآن ، فقهاء في الدين ، قد قرحوا جباههم وشمروا ثيابهم ، وعمهم النفاق ، وكلهم يقولون : يا ابن فاطمة إرجع لا حاجة لنا فيك ، فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الاثنين من العصر إلى العشاء ، فيقتلهم أسرع من جزر جزور ، فلا يفوت منهم رجل ، ولا يصاب من أصحابه أحد ، دماؤهم قربان إلى الله .
ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله تعالى . قال فلم أعقل المعنى ، فمكثت قليلاً ، ثم قلت : جعلت فداك وما يدريه متى يرضى الله عز وجل ؟ قال : يا أبا الجارود إن الله أوحى إلى أم موسى وهو خير من أم موسى ، وأوحى الله إلى النحل وهو خير من النحل ، فعقلت المذهب فقال لي : أعقلت المذهب ؟ قلت : نعم » .
وفي الإرشاد / 364 : « روى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أنه قال : إذا قام القائم سار إلى الكوفة ، فيخرج منها بضعة عشر ألفاً يدعون البترية عليهم السلاح ، فيقولون له : إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ، ويقتل مقاتلتها حتى يرضى الله عز وعلا » .
وفي البحار : 52 / 387 : « من كتاب الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يقدم القائم عليه السلام حيت يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه ، وذلك يوم الأربعاء ، فيدعوهم ويناشدهم حقه ، ويخبرهم أنه مظلوم مقهور ويقول : من حاجني في الله فأنا أولى الناس بالله ، إلى آخر ما تقدم من هذا ، فيقولون : إرجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك ، قد خبرناكم واختبرناكم ، فيتفرقون من غير قتال . فإذا كان يوم الجمعة يعاود فيجئ سهم فيصيب رجلاً من المسلمين فيقتله فيقال : إن فلاناً قد قتل ، فعند ذلك ينشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر ، فإذا زالت الشمس هبَّت الريح له فيحمل عليهم هو وأصحابه ، فيمنحهم الله أكتافهم ويولون ، فيقتلهم حتى يدخلهم أبيات الكوفة وينادي مناديه : ألا لا تتبعوا مولياً ولا تجهزوا على جريح ، ويسير بهم كما سارعلي عليه السلام يوم البصرة » .
أقول : لعل أكثر هؤلاء البترية أصلهم شيعة ، وهم يخطِّئون الإمام عليه السلام لإعلانه موقفه من أبي بكر وعمر ، لأن ذلك برأيهم خطأ ، يسبب للإمام عليه السلام خسارة شعبية . وتدل الأحاديث ومنطق الأمورعلى أن تلك الفترة تكون فترة تحول في الولاءات إلى الإمام عليه السلام وعنه ! ففي غيبة النعماني / 317 : « عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : أخبرني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا خرج القائم خرج من هذا الأمر من كان يرى أنه من أهله ، ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر » .
ويدل النص التالي على أن البترية كعبدة الأوثان لأنهم يعبدون أشخاصاً ولا يعبدون الله تعالى ، ففي غيبة الطوسي / 273 : « عن أبي بصير : قال أبو عبد الله عليه السلام : لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له ، ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان » .
آخر خارجة تخرج عليه من المقدادية في بعقوبة !
ذكرت الأحاديث أن خوارج رميلة الدسكرة آخر فئات الخوارج على المهدي عليه السلام وأخطرهم ، وأن قائدهم يكون فرعوناً وشيطاناً ، وهو من الموالي أي غير العرب !
ففي مروج الذهب « 2 / 418 » : « باب ذكر حروبه عليه السلام مع أهل النهروان : ثم ركب ومرَّ بهم وهم صرعى ، فقال : لقد صرعكم من غرَّكم ، قيل : ومن غرَّهم ؟ قال : الشيطان وأنفس السوء . فقال أصحابه : قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر ، فقال : كلا والذي نفسي بيده ، وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء ، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعدها مثلها ، حتى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط ، يخرج إليه رجل منا أهل البيت فيقتله . ولا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة » . والأشمط : الذي في شعر رأسه بياض وسواد .
وفي صحيح ابن أبي شيبة : 8 / 673 : « عن عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي : قال علي : إن آخر خارجة تخرج في الإسلام بالرميلة رميلة الدسكرة ، فيخرج إليهم ناس فيقتلون منهم ثلثاً ويدخل ثلث ويتحصن ثلث في الدير دير مرمار ، فمنهم الأشمط ، فيحصرهم الناس فينزلونهم فيقتلونهم . فهي آخر خارجة تخرج في الإسلام » .
وفي البصائر / 336 : « عن يونس بن ظبيان عن الإمام الصادق عليه السلام : أول خارجة خرجت على موسى بن عمران بمرج دابق وهو بالشام ، وخرجت على المسيح بحرَّان وخرجت على أمير المؤمنين عليه السلام بالنهروان ، وتخرج على القائم بالدسكرة دسكرة الملك . ثم قال لي : كيف مالح دير بين ماكي مالح ، يعني عند قريتك وهو بالنبطية ، وذاك أن يونس كان من قرية دير بين ما ، يقال : الدسكرة التي عند دير بين ما » .
أقول : دسكرة الملك : في محافظة بعقوبة بالعراق قرب المقدادية ، بل يبدو أنها المقدادية نفسها . وفي أنساب السمعاني « 2 / 476 » : « يقال لها دسكرة الملك ، وهي قرية كبيرة تنزلها القوافل ، نزلت بها في التوجه والانصراف وبتُّ بها ليلتين » . وفي معجم البلدان : 2 / 455 : « قرية في طريق خراسان قريبة من شهرابان ، وهي دسكرة الملك ، كان هرمز بن سابور بن أردشير بن بابك يكثر المقام بها ، فسميت بذلك » .
وفي غيبة الطوسي / 283 : « عن الفضل بن شاذان عن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : إذا قام القائم دخل الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة حتى يبلغ أساسها ويصيرها عريشاً كعريش موسى ، وتكون المساجد كلها جَمَّاء لا شُرَفَ لها ، كما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويوسع الطريق الأعظم فيصير ستين ذراعاً ، ويهدم كل مسجد على الطريق ، ويسد كل كوة إلى الطريق وكل جناح وكنيف وميزاب إلى الطريق ، ويأمر الله الفلك في زمانه فيبطئ في دوره حتى يكون اليوم في أيامه كعشرة من أيامكم ، والشهر كعشرة أشهر ، والسنة كعشر سنين من سنيكم .
ثم لا يلبث إلا قليلاً حتى يخرج عليه مارقة الموالي برميلة الدسكرة عشرة آلاف ، شعارهم :
يا عثمان يا عثمان ، فيدعو رجلاً من الموالي فيقلده سيفه فيخرج إليهم فيقتلهم حتى لا يبقى منهم أحد ، ثم يتوجه إلى كابل شاه وهي مدينة لم يفتحها أحد قط غيره ، فيفتحها ، ثم يتوجه إلى الكوفة فينزلها وتكون داره ، ويبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب » . ومارقة الموالي : أي من غير العرب ، أو قائدهم غيرعربي .
وذكرت رواية أن آخر خارجة على الإمام عليه السلام تكون في الكوفة ، ففي تفسير العياشي : 2 / 56 ، عن عبد الأعلى الحلبي ، عن الإمام الباقر عليه السلام من حديث طويل : « والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثم ينشد الله حقه ثم يقول : يا أيها الناس : من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله ، ومن يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم . يا أيها الناس : من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح . يا أيها الناس : من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم . يا أيها الناس : من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى . يا أيها الناس : من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى . يا أيها الناس : من يحاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله . يا أيها الناس : من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب الله ، ثم ينتهى إلى المقام . . . قال أبو جعفر عليه السلام : يقاتلون والله حتى يُوَحَّدَ الله ولا يُشرك به شيئاً ، وحتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد ، ويخرج الله من الأرض بذرها ، وينزل من السماء قطرها . . . فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام وتكلم ببعض السنن ، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه ، فيقول لأصحابه : انطلقوا فتلحقوا بهم في التمارين فيأتونه بهم أسرى فيأمر بهم فيذبحون . وهي آخر خارجة تخرج على قائم آل محمد صلى الله عليه وآله » . ويحتمل أن يكون هؤلاء جزءً من خوارج رميلة الدسكرة ، فيقبض عليهم في الكوفة .
تصفية الإمام عليه السلام للعراق وتطهيره من أعدائه
بعد القضاء على آخرخارجة في التاريخ ، يتنفس العراق الصعداء في ظل سلطة الإمام المهدي عليه السلام ، ويدخل حياة جديدة بصفته عاصمة الإمام عليه السلام ، ومحط أنظار العالم . ثم تصبح الكوفة والسهلة والحيرة والنجف وكربلاء محلات لمدينة واحدة ، يتردد ذكرها على ألسنة شعوب العالم وقلوبهم ، ويقصدها القاصدون من أقاصي المعمورة ليلة الجمعة ، ويبكرون لأداء صلاة الجمعة خلف المهدي عليه السلام في مسجده العالمي ذي الألف باب ، فلا يكاد المسلم يجد موضعاً للصلاة بين ملايين القاصدين . والأحاديث عن التطور في مركز عاصمته عليه السلام كثيرة ، لا يتسع لها المجال هنا .
وبتصفيته العراق وضمه إلى دولته ، تكون دولته عليه السلام شملت اليمن والحجاز وإيران والعراق ، ومعها بلاد الخليج . وفي تلك الفترة يأتيه الخراساني وقائد جيشه شعيب ، فيبايعه ويسلمه راية إيران . ويبدو أن مظاهرات المسلمين في تركيا المؤيدة للإمام عليه السلام تجبرحكومتهم على أن يطلبوا منه إرسال ممثل له ليحل المشكلة بينها وبين الناس ، فيرسل أحد أصحابه إلى تركيا ، ويتفقون على حكومة موالية للإمام عليه السلام .
وبذلك يتفرغ لأعدائه الخارجيين ، فيتوجه على رأس جيشه إلى الشام حتى ينزل مرج عذراء قرب دمشق ، استعداداً للمعركة مع السفياني ووراءه واليهود والروم ، وهي معركة فتح القدس ، كما يأتي في أحداث حركة ظهوره عليه السلام .
عاصمته عليه السلام الكوفة ، وسيكون لكربلاء شأن عظيم
عاصمته عليه السلام الكوفة ، وسيكون لكربلاء شأن عظيم
في بحار الأنوار : 53 / 11 : « قال المفضل : قلت : يا سيدي فأين تكون دارالمهدي ومجتمع المؤمنين ؟ قال : دارملكه الكوفة ، ومجلس حكمه جامعها ، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة ، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين . قال المفضل : يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة ؟ قال : إي والله لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو حواليها « وفي رواية : يحن إليها » وليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم ، وليودن أكثر الناس أنه اشترى شبراً من أرض السبع بشبر من ذهب « السبع من خطط همدان » ولتصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلاً وليجاورن قصورها كربلاء ، وليصيِّرن الله كربلاء معقلاً ومقاماً تختلف فيه الملائكة والمؤمنون ، وليكونن لها شأن من الشأن ، وليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة » .
ومعنى مجلس حكمه في مسجد الكوفة : أي الذي يبنيه عليه السلام . والذكوات البيض : موضع اعتكافه للعبادة الربوات البيضاء جنوبي النجف . وأربعة وخمسين ميلاً : نحو ثمانين كيلومتر .
وفي غيبة الطوسي / 273 : « عن عبد الله بن الهذيل قال : لا تقوم الساعة حتى يجتمع كل مؤمن بالكوفة » . وروى ابن سعد : 6 / 10 ، عن عبد الله بن عمرو قال : إن أسعد الناس بالمهدي أهل الكوفة . ونحوه ابن أبي شيبة : 12 / 188 .
وفي التهذيب : 3 / 253 : « عن حبة العرني قال : خرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحيرة فقال : لتصلن هذه بهذه ، وأومأ بيده إلى الكوفة والحيرة ، حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير ، وليُبنينَّ بالحيرة مسجد له خمس مائة باب يصلي فيه خليفة القائم « نائبه في الصلاة » لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم ، وليصلين فيه اثنا عشر إماماً عدلاً .
قلت : يا أمير المؤمنين ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ ؟ قال : تبنى له أربع مساجد مسجد الكوفة أصغرها ، وهذا ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب وهذا الجانب ، وأومأ بيده نحو البصريين والغريين » .
وفي كامل الزيارات / 30 : « عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام أو عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : أيُّ بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله عز وجل وحرم رسوله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : الكوفة يا أبا بكر ، هي الزكية الطاهرة ، فيها قبور النبيين المرسلين وقبور غير المرسلين والأوصياء الصادقين . وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه ، ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده ، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين » .
وفي الكافي : 3 / 495 : « عن صالح بن أبي الأسود قال : قال أبو عبد الله عليه السلام وذكر مسجد السهلة فقال : أما إنه منزل صاحبنا إذا قدم بأهله » .
وفي الكافي : 4 / 571 : « عن أبان بن تغلب قال : كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فمر بظهر الكوفة فنزل فصلى ركعتين ، ثم تقدم قليلاً فصلى ركعتين ، ثم سار قليلاً فنزل فصلى ركعتين ثم قال : هذا موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، قلت : جعلت فداك والموضعين اللذين صليت فيهما ؟ قال : موضع رأس الحسين عليه السلام وموضع منزل القائم » .
وقد يكون منزل المهدي عليه السلام هناك قرب معتكفه في الذكوات البيض ، وقد يكون موضع منبره عند أول وروده إلى العراق ، كما في الرواية التالية وفي التهذيب : 6 / 34 ، عن مبارك الخباز قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : أسرجوا البغل والحمار في وقت ما قدم وهو في الحيرة ، قال : فركب وركبت حتى دخل الجرف ، ثم نزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلاً آخر فصلى ركعتين ، ثم تقدم قليلاً آخر فصلى ركعتين ، ثم ركب ورجع فقلت له : جعلت فداك ما الأولتين والثانيتين والثالثتين ؟ قال : الركعتين الأولتين موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، والركعتين الثانيتين موضع رأس الحسين عليه السلام ، والركعتين الثالثتين موضع منبر القائم عليه السلام » .
وفي دلائل الإمامة / 244 : « عن فرات بن الأحنف قال : كنت مع أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، فلما صرنا إلى الثوية نزل فصلى ركعتين فقلت : يا سيدي ما هذه الصلاة ؟ فقال : هذا موضع منبر القائم أحببت أن أشكر الله في هذا الموضع ، ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى إلى القائم الذي على الطريق فنزل فصلى ركعتين ، فقلت : ما هذه الصلاة ؟ قال : ها هنا نزل القوم الذين كان معهم رأس الحسين عليه السلام في صندوق ، فبعث الله عز وجل طيراً فاحتمل الصندوق بما فيه فمر بهم جمَّال فأخذوا رأسه فجعلوه في الصندوق وحملوه ، فنزلت وصليت ها هنا . ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى إلى موضع فنزل وصلى ركعتين وقال : هاهنا قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، أما إنه لا تذهب الأيام حتى يبعث الله رجلاً ممتحناً في نفسه بالقتل يبني عليه حصناً فيه سبعون طاقاً ، قال حبيب بن الحسين : سمعت هذا الحديث قبل أن يبنى على الموضع شئ ، ثم إن محمد بن زيد وجه فبنى عليه ، فلم تمض الأيام حتى امتحن محمد في نفسه بالقتل » .
بيت الإمام عليه السلام الشخصي في منطقة مسجد السهلة
روى الراوندي في قصصه / 80 : « عن أبي بصيرعن أبي عبد الله عليه السلام : يا أبا محمد كأني أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله ، قلت : تكون منزله ؟ قال : نعم هو منزل إدريس وما بعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه ، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلى الله عليه وآله ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه ، وما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون الله فيه . يا أبا محمد أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه . ثم إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين » .