قصة جشع اهل الثرثار
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص148-149.
2025-06-08
784
قصة جشع اهل الثرثار
قال تعالى : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112].
قال عمرو بن شمر : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام ، يقول : « إنّي لألحس أصابعي من الأدم حتى أخاف أن يراني جاري « 1 » فيرى أنّ ذلك من التجشّع ، وليس ذلك كذلك ، وإنّ قوما أفرغت عليهم النعمة - وهم أهل الثّرثار - فعمدوا إلى مخّ الحنطة فجعلوه خبزا هجاء « 2 » ، وجعلوا ينجّون به صبيانهم حتّى اجتمع من ذلك جبل عظيم ».
قال : « فمرّ بهم رجل صالح ، وإذا امرأة تفعل ذلك بصبيّ لها ، فقال لهم : ويحكم ، اتقوا اللّه عزّ وجلّ ، ولا تغيّروا ما بكم من نعمة . فقالت له : كأنّك تخوّفنا بالجوع ، أما ما دام ثرثارنا يجري فإنّا لا نخاف الجوع .
قال : فأسف اللّه عزّ وجلّ ، فأضعف لهم الثّرثار ، وحبس عنهم قطر السّماء ونبات الأرض - قال - فاحتاجوا إلى ذلك الجبل ، وإنه كان يقسّم بينهم بالميزان » « 3».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « كان أبي يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيه شيء من الطّعام تعظيما له ، إلّا أن يمصّها أو يكون إلى جانبه صبيّ فيمصّها له ». قال : « وإنّي أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقّده فيضحك الخادم ».
ثمّ قال : « إنّ أهل قرية - ممّن كان قبلكم - كان اللّه قد أوسع عليهم حتى طغوا ، فقال بعضهم لبعض : لو عمدنا إلى شيء من هذا النقيّ فجعلنا نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة - قال - فلمّا فعلوا ذلك بعث اللّه على أرضهم دوابّا أصغر من الجراد فلم يدع لهم شيئا خلقه اللّه يقدر عليه إلّا أكله ، من شجر أو غيره ، فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به فأكلوه ، وهي القرية التي قال اللّه : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً إلى قوله : بِما كانُوا يَصْنَعُونَ » « 4 ».
_________________
( 1 ) في طبعة أخرى : خادمي.
( 2 ) هجا جوعه : سكن وذهب ، وهجا الطعام : أكله « القاموس المحيط 1 - هجا - ص 34 » ، وقد يكون المراد من قوله : فجعلوه خبزا هجاء ، أي : صالحا للأكل أو صالحا لرفع الجوع ، وقد تكون ( هجاء ) مصحّفة من ( هجانا ) أي خيارا صالحا ، أو من ( منجا ) وهي الآلة التي يستنجى بها ، كما ذكر ذلك الطريحي ( رحمه اللّه ) في مادة ( نجا ) .
( 3 ) الكافيّ ج 6 ، ص 301 ، ح 1 .
( 4 ) تفسير العياشيّ : ج 2 ، ص 273 ، ح 79 .
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في القصص القرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة