لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص241-243.
2025-05-25
951
لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ
قال تعالى : {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس : 62 - 64].
سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام عن قوله تعالى :
{ أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } . فقيل له : من هؤلاء الأولياء ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : « هم قوم أخلصوا للّه تعالى في عبادته ، ونظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها ، فعرفوا آجلها حين غرّ الخلق سواهم بعاجلها ، فتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم ، وأماتوا منها ما علموا أنه سيميتهم » .
ثم قال : « أيّها المعلل نفسه بالدنيا ، الراكض على حبائلها ، المجتهد في عمارة ما سيخرب منها ، ألم تر إلى مصارع آبائك في البلى « 1 » ، ومضاجع أبنائك تحت الجنادل والثّرى ، كم مرّضت بيديك وعلّلت بكفّيك ، تستوصف لهم الأطباء وتستعتب لهم الأحباء فلم يغن عنهم غناؤك ، ولا ينجع فيهم دواؤك » « 2».
ثم قال : « تدرون من أولياء اللّه ؟ » قالوا : من هم ، يا أمير المؤمنين ؟ فقال :
« هم نحن وأتباعنا فمن تبعنا من بعدنا ، طوبى لهم ، وطوباهم أفضل من طوبانا » .
قيل : يا أمير المؤمنين ، ما شأن طوباهم أفضل من طوبانا ؟ ألسنا نحن وهم على أمر ؟
قال : « لا ، لأنهم حملوا ، وأطاقوا ما لم تطيقوا » « 3 ».
وقال أبو جعفر عليه السّلام ، قال : « وجدنا في كتاب علي بن الحسن عليه السّلام أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ قال : إذا أدوا فرائض اللّه ، وأخذوا بسنن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وتورعوا عن محارم اللّه ، وزهدوا في عاجل زهرة الدنيا ، ورغبوا فيما عند اللّه ، واكتسبوا الطيب من رزق اللّه ، لا يريدون به التفاخر والتكاثر ، ثم أنفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة ، فأولئك الذين بارك اللّه لهم فيما اكتسبوا ، ويثابون على ما قدموا لآخرتهم » « 4 ».
قال ابن بابويه مرسلا : أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم رجل من أهل البادية له حشم وجمال ، فقال : يا رسول اللّه ، أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ }.
فقال : « أما قوله تعالى : لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فهي الرؤيا الحسنة ، يراها المؤمن فيبشّر بها في دنياه ، وأمّا قول اللّه عزّ وجلّ : وَفِي الْآخِرَةِ فإنّها بشارة المؤمن عند الموت ، يبشّر بها عند موته ، إن اللّه قد غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك « 5 ».
وقال علي بن إبراهيم القمي : وقوله :{ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ } أي لا تغيير للإمامة ، والدليل على أن الكلمات الإمامة ، قوله : {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف : 28] يعني الإمامة « 6 ».
___________
( 1 ) البلى : الفناء .
( 2 ) الأمالي : ص 86 ، ح 2 .
( 3 ) تفسير العياشيّ : ج 2 ، ص 124 ، ح 30 .
( 4 ) تفسير العياشيّ : ج 2 ، ص 124 ، ح 31 .
( 5) من لا يحضره الفقيه : ج 1 ، ص 79 ، ح 356 ، الدر المنثور : ج 4 ، ص 375 .
( 6 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 314 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة