مرة أخرى اعوجاج الزمان(حين يتباطأ الزمن تحت ثقل الجاذبية)
المؤلف:
برايان غرين
المصدر:
الكون الأنيق
الجزء والصفحة:
ص92
2025-05-25
774
تمثل الصور في الأشكال أرقام (3-2)، (4-3)، و(3-6) ما الذي يعنيه اعوجاج الفضاء. فالاعوجاج يشوه شكل الفضاء وقد ابتكر علماء الفيزياء صوراً مشابهة في محاولة لتوضيح معنى اعوجاج الزمان ، غير أن حل شفرة هذه



الصور كان في غاية الصعوبة، الأمر الذي جعلنا لا نستخدمها هنا. وبدلاً من ذلك سنستعين بمثال سليم وجيم في لعبة التورنادو ونحاول أن نصل إلى إدراك كنه اعوجاج الزمان بفعل الجاذبية.
ولنفعل ذلك سنعود مرة أخرى إلى جورج وغريس اللذين أصبحا سابحين بالقرب من المنطقة المحيطة بالمجموعة الشمسية وليسا في ظلمات الفضاء الخارجي : كما كانا من قبل وما زالا يحملان ساعتين رقميتين كبيرتين متزامنتين على بذلتي الفضاء. وللتبسيط، فإننا سنهمل تأثير الكواكب ونأخذ في اعتبارنا فقط مجال جاذبية الشمس. ولنستمر في الخيال نفترض وجود سفينة فضاء تحوم بالقرب من جورج وغريس، وأنها مدت حبلاً طويلاً يصل إلى قرب سطح الشمس. وسيستخدم جورج هذا الحبل ليهبط ببطء نحو الشمس. وأثناء ذلك كان يتوقف بين فترة وأخرى ليقارن معدل سريان الزمن على ساعتيهما. ويعني اعوجاج الزمان الذي تنبأت به النسبية العامة لأينشتاين أن ساعة جورج ستسير أبطأ فأبطأ مقارنة بساعة غريس كلما أصبح مجال الجاذبية الذي يوجد فيه أقوى فأقوى. أي أنه كلما اقترب أكثر من الشمس ستزداد سرعته بطءاً. وهكذا، فإن الجاذبية تشوه الزمان كما تفعل بالفضاء.
ولابد أن نلاحظ أن الوضع الحالي ليس به تماثل بين جورج وغريس على عكس الحالة الواردة في الفصل الثاني، حيث كان الاثنان يتحركان بسرعة ثابتة بالنسبة لبعضهما في فضاء خاو. وسيشعر جورج بزيادة قوة الجاذبية أكثر فأكثر على عکس غريس وعليه أن يقبض على الحبل بشدة أكثر وأكثر كلما اقترب من الشمس ليتجنب الانجذاب إليها ويتفق الاثنان أن ساعة جورج هي الأبطأ، وليس هناك منظور على نفس درجة الصحة يمكن به أن يتبادلا الأدوار ويعكس النتيجة. كان هذا في الحقيقة هو ما وجدناه في الفصل الثاني عندما خضع جورج للتسارع بعد إشعاله للصاروخ المثبت على ظهره ليلحق بغريس. وقد نتج من التسارع الذي شعر به جورج بطء حاسم في ساعته بالنسبة لساعة غريس. وحيث أننا نعلم الآن أن الشعور بالحركة المتسارعة هو نفسه الشعور بقوة الجاذبية، فإن الوضع الحالي لجورج على الحبل يتضمن نفس المبدأ ومرة أخرى نرى أن ساعة جورج وكل شيء آخر في حياته يسير بحركة أبطأ عند المقارنة بغريس.
في مجال جاذبية مثل المجال على سطح نجم عادي كالشمس، يكون التباطؤ في سير الساعات صغيراً جداً. فإذا كانت غريس مستقرة على بعد مليار ميل من الشمس، وعندما يكون جورج قد اقترب لمسافة بضعة أميال من سطح الشمس، فإن معدل دقات ساعته سيصبح حوالي 99,9998 بالمائة من معدل دقات ساعة غريس أبطأ، لكن ليس كثير . وإذا هبط جورج بواسطة حبل ليحوم قريباً جداً من سطح نجم نيوتروني مساو في كتلته لكتلة الشمس، وأنه قد انسحق لتصبح كثافته (النجم النيوتروني بضعة ملايين مليارات المرات أكبر كثافة من الشمس، فإن مجال الجاذبية الأكبر هذا سيتسبب في أن ساعة جورج ستدق بمعدل حوالي %76% من ساعة غريس. أما مجالات الجاذبية الأقوى مثل تلك الموجودة خارج ثقب أسود مباشرة كما سنناقش ذلك في ما بعد)، فستحدث تباطؤاً أكثر في سريان الزمن وسيتسبب معدل الجاذبية الأقوى في اعوجاج أكثر قسوة للزمن.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في النظرية النسبية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة