لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ هو علي بن ابي طالب
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص212-215.
2025-05-25
788
لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ هو علي بن ابي طالب
قال تعالى : {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } [الشعراء: 78 - 91].
قال المفضل بن عمر : سألت الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ وجلّ : وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ وذكر الحديث فيما ابتلاه به ربّه ، إلى أن قال : « والتوكّل ، بيان ذلك في قوله : الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ .
ثمّ الحكم ، والانتماء إلى الصالحين ، في قوله : رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ يعني بالصالحين : الذين لا يحكمون إلا بحكم اللّه عزّ وجلّ ، ولا يحكمون بالآراء والمقاييس ، حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق ، بيان ذلك في قوله : وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ أراد في هذه الأمّة الفاضلة ، فأجابه اللّه ، وجعل له ولغيره من الأنبياء : لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وهو علي بن أبي طالب عليه السّلام ، وذلك قوله : {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [مريم: 50].
ثم استقصار النفس في الطاعة ، في قوله : {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} [الشعراء: 87] « 1 » .
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام ، في حديث غيبة إبراهيم ، إلى أن قال : « ثمّ غاب عليه السّلام الغيبة الثانية ، وذلك حين نفاه الطاغوت عن بلده ، فقال :
{ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48]. قال اللّه تقدّس ذكره : {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [مريم: 49، 50] يعني به علي بن أبي طالب عليه السّلام ، لأنّ إبراهيم عليه السّلام قد كان دعا اللّه عزّ وجلّ أن يجعل له لسان صدق في الآخرين ، فجعل اللّه تبارك وتعالى له ولإسحاق ويعقوب لسان صدق عليّا ، فأخبر علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّ القائم عليه السّلام هو الحادي عشر من ولده ، وأنّه المهديّ الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت جورا وظلما ، وأنه تكون له غيبة ، وحيرة ، يضلّ فيها أقوام ، ويهتدي فيها آخرون ، وأنّ هذا كائن كما أنّه مخلوق » « 2 » .
ومن طريق المخالفين : قوله تعالى : وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ عن جعفر بن محمد عليهما السّلام ، قال : « هو علي بن أبي طالب عليه السّلام ، عرضت ولايته على إبراهيم عليه السّلام ، فقال : اللهمّ اجعله من ذريّتي ، ففعل اللّه ذلك » « 3 » .
وقال الطبرسيّ : قوله : وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ أي : من الذين يرثون الفردوس وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ أي : من الذاهبين عن الصواب في اعتقاده . ووصفه بأنه ضال يدل على أنه كان كافرا كفر جهالة ، لا كفر عناد وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ أي : لا تفضحني ، ولا تعيرني بذنب يوم تحشر الخلائق . وهذا الدعاء كان منه عليه السّلام على وجه الانقطاع إلى اللّه تعالى ، لما بينا أن القبيح لا يجوز وقوعه من الأنبياء عليهم السّلام .
ثم فسر ذلك اليوم بأن قال : يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ أي : لا ينفع المال والبنون أحدا إذ لا يتهيأ لذي المال أن يفتدي من شدائد ذلك اليوم به ، ولا يتحمل من صاحب البنين بنوه شيئا من معاصيه « 4 » .
وقال سفيان بن عيينة : سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ وجلّ : إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ . قال : « السليم الذي يلقى ربّه ، وليس فيه أحد سواه » .
قال : وقال : « كلّ قلب فيه شرك ، أو شكّ ، فهو ساقط ، وإنما أرادوا الزهد في الدنيا ، لتفرغ قلوبهم للآخرة » « 5 » .
وقال الطّبرسي : روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال : « هو القلب الذي سلم من حب الدنيا » . قال الطبرسيّ : ويؤيّده قول النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « حبّ الدنيا رأس كل خطيئة » « 6 » .
وقال أبو جعفر عليه السّلام : « قوله : وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ يقول : قرّبت
وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ يقول : نحّيت » « 7 » .
_____________
( 1 ) معاني الأخبار : ص 126 ، ح 1 .
( 2) كمال الدين وتمام النعمة : ص 139 ، ح 7 .
( 3) كشف الغمّة : ج 1 ، ص 320 .
( 4 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 338 .
( 5 ) الكافي : ج 2 ، ص 13 ، ح 5 .
( 6 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 305 .
( 7) تفسير القمي : ج 2 ، ص 122 .
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة