موقعة «ترموبيلي» عام 480 ق.م
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج12 ص 526 ــ 527
2025-05-14
497
بعد أن اخترق «أكزركزيس» «تراقيا» و«مقدونيا» اتجه جنوبًا فاتحًا كل ما في طريقه إلى أن وصل إلى المكان «المسمى» «ترموبيلي»، وهو ممر ضيق بين البحر والجبل. وكان قد سمي «بوابة بلاد الإغريق»، ولكن دهش إذ وجد أنه أقفل في وجهه بجنود «ليونيداس»، الذين يبلغون حوالي سبعة آلاف إغريقي كان من بينهم ثلاثمائة محارب أسبرتيي الأصل، وعدد كبير من جنود شبه جزيرة «بلوبونيز»، وبعض جنود من إقليم «بوشيا» المجاور لإقليم «أتيكا». وكان جنود «أسبرتا» قد اصطفوا أمام صف الجنود الأثينيين على حسب الرواية التي نقلها الجواسيس للملك «أكزركزيس»، ولم يظهروا من أجل ذلك أي وجل أو رعب، بل كانوا إما منهمكين في اللعب والرياضة، وإما منصرفين إلى تسريح شعورهم الطويلة، كما كانت عادتهم دائمًا قبل المعركة.
وقد استولت الدهشة على «أكزركزيس» عندما رأى ذلك، فمكث أربعة أيام منتظرًا العدو أن يتقهقر، وبعد ذلك لما فرغ صبره أمر جنود بالهجوم، واتخذ مكانه على عرشه ولاحظ سير المعركة. وقد صدت الجنود الفارسية حتى «الخالدين» يومين متتالين، وظل الممر في يد الإغريق، وقد استولى الذعر على «أكزركزيس»، حتى إنه قفز ثلاث مرات على ما يقال من فوق عرشه خوفًا على جنوده.
هذا وكان يحمي طريقًا على الجبال جنوبي الممر ألف جندي من أهل «قوسيس»، وهي دويلة إغريقية صغيرة قامت بهذه الخدمة من تلقاء نفسها، غير أن خائنًا من أهل الإقليم يُدعى «إفيالتيز» Ephialtes انقلب على وطنه، وأرشد الفرس إلى الطريق عبر الجبال، وفي فجر اليوم الثالث سمع أهل «قوسيس» وقع أقدام جنود العدو على أوراق شجر البلوط المتساقطة على الأرض، فهربوا واستمر جنود الفرس في سيرهم. وعندما سمع «ليونيداس» بذلك صرف حلفاءه — ومن الجائز أنه كان يأمل من وراء ذلك أنه يكون في مقدورهم أن يهاجموا الفرس، عندما كانوا ينزلون من الجبال في خلفه — وبقي هو وجنود «أسبرتا» معًا مضافًا إلى ذلك بعض جنود «بوشيا» «ويبلغ عددهم حوالي ألف مقاتل» للمحافظة على الممر، وقد ظنوا أن الفرس عندما يطلقون سهامهم ستحجب السماء نفسها من كثرتها، وقد عقب واحد منهم على ذلك قائلًا: «وهذه أخبار سارة فسنحارب إذن في الظل.» ذلك هو الروح الذي قابل به الجنود الإغريق الحرب الهائلة التي أعقبت ذلك، فقتل «ليونيداس» وتقهقر رجاله شيئًا فشيئًا ثم أحيطوا وقتلوا وقد أقيم على مكان دفنهم في ساحة الموقعة تذكار فيما بعد نقش عليه ما يأتي:
احمل الأخبار إلى «أسبرتا» أيها الغريب المار هنا بأننا نرقد طائعين لكلمتها هنا.
زحف بعد ذلك «أكزركزيس» على «أثينا»، ولكنه وجدها تقريبًا خاوية على عروشها، فقد أبحر غير المحاربين من أهلها طلبًا للتجارة إلى جزيرتي «سلامس» و«أجينا» المجاورتين؛ لأن ذلك كما قال «تمستوكليس» هو ما كان يقصده وحي «دلفي» الذي نصحهم بأن يثقوا في جدرانهم الخشبية (أي: سفنهم وسينتصرون بحرًا). وقد استولى «أكزركزيس» على المدينة من يد العدد الضئيل من الجنود الذين كانوا يدافعون عنها وحرق معابدها وبيوتها، وأخيرًا عوقبت «أثينا» وانتقم لمدينة «سارديس»، وبعد ذلك أرسل خبر هذا النصر المبين إلى «سوس» عاصمة ملكه فدوت شوارعها بأنغام الفرح ونثرت بأغصان الغار.
وفي خلال ذلك كان كل من الأسطولين الإغريقي والفارسي يحارب بعضهما بعضًا على مسافة من الشاطئ، وكانت الحروب بينهما في الجهة الجنوبية. وكان عدد السفن الذي أرسلته «أثينا» ثمانين ومائة سفينة، في حين أنه لم يكن بين المدن الإغريقية الأخرى من أرسل أكثر من ثلاثين سفينة.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في العالم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة