الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تأثير الطعام الحرام على القلب
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص69ــ72
2025-04-19
139
يعتبر الطعام الحرام من أكثر الأشياء التي تسبب المرض الروحي والعقلي والجسدي كما يُسبّب الشقاء والبلاء، ولذا جاء التحذير الكثير من أخطاره.
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال: ((ليس بوَلي لي من أكل مال المؤمن حراماً))(1).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال: ((لا يدخل الجنَّة من نبت لحمه من السحت، النار أولى به))(2).
وعن الإمام الكاظم (عليه السلام): ((إنَّ الحرام لا ينمى، وإن نمى لم يُبارك فيه، وإن أنفقه لم يؤجر عليه، وما خلفه كان زاده إلى النَّار))(3).
تأثير الطعام الحرام على القلب
جاء في وصية الإمام علي (عليه السلام) لكميل بن زياد: ((إنَّ اللسان يبوح من القلب، والقلب يقوم بالغذاء، فانظر فيما تغذّي قلبك وجسمك، فإن لم يكن ذلك حلالاً لم يقبل الله تسبيحك ولا شكرك))(4).
وفي هذا الكلمة الرائعة تصريح واضح بأن الإنسان هو ما يأكل، وأن حياة الإنسان قائمة بالغذاء، فإن لم يكن حلالاً فإنَّ الله تعالى لا يقبل ما يخرج من لسانه حتى ولو كان صلاة وذكراً وعبادة.
ومن هنا فقد ذم الله تعالى القلوب التي تتغذى على الحرام فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 41].
فأكل السحت - وهو المال الحرام - يسوِّد القلب ويميته.
وفي سياق كلام الإمام الحسين (عليه السلام)، عندما وجه خطابه في يوم عاشوراء إلى عسكر عمر بن سعد ناصحاً إيَّاهم دون أن يترك نصحه فيهم أدنى تأثير نأتي على قوله: ((مُلئت بطونكم من الحرام))(5).
والذي يثبت صحة ما ذكرناه أيضاً .
من الشواهد على هذا الموضوع أيضاً ما انساق على لسان السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من عبارات في خطبة ألقتها في الشام في مجلس يزيد بن معاوية حيث أشارت إلى هذه القضية قائلة:
((وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من الشهداء ونصب الحرب لسيد الأنبياء ...))(6).
ومما يؤيد ما ذكرناه ما جرى مع شريك بن عبد الله، وكان عالماً زاهداً في منتهى درجات الفضل والورع، حيث دخل على الخليفة العباسي المهدي يوماً فاقترح عليه المهدي أن يشغل منصب قاضي القضاة في بغداد. فرفض شريك اقتراحه نظراً لعدالته وورعه وعلمه بجبروت المهدي وظلمه هو ورجاله.
ولما رأى منه المهدي ذلك أمره أن يعلم أبناءه، لكن شريكاً رفض هذا الاقتراح أيضاً لعزوفه عن معاشرة الملوك وأبنائهم ومنادمتهم.
عند ذلك طلب إليه المهدي أن يتقبل دعوته لتناول الغداء معه ليفيض على مجلسه بنصائحه فتقبل شريك دعوته مرغماً، وبعد تناول الطعام توجه طاهي قصر الخلافة إلى المهدي فقال:
((ليس يفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبداً)).
لقد صدق ظن الطاهي إذ دبت مفسدة هذه الأكلة من طعام الحرام في نفس شريك الذي تقدم بعد فترة إلى الخليفة باقتراح تسلمه منصب القضاء وتوليه شؤون تعليم أبنائه.
ذات مرة أراد شريك تسلم راتبه في مستهل الشهر فماطل متصدي الأمر عن دفع راتبه وأخذ يؤجل الدفع كل يوم لتاليه.. احتج شريك على تصرفه فقال له مسؤول الشؤون المالية بامتعاض أنَّه ما باعه قمحاً ليبدر منه مثل هذا الإلحاح لاستلام راتبه. أجابه شريك أنه باع هذه الوزارة ما هو أعظم شأناً من القمح فقد باعها دينه باستناده في قضائه إلى ما يخالف تعاليم ربه.
آل أمر شريك وعاقبة فعاله ليلعنه الإمام الصادق (عليه السلام) ويسأل الله أن يخلع لحمه عن جسده في يوم القيامة بأمشاط من النار(7).
____________________________
(1) بحار الأنوار، المجلد 101، ص 296، ح17.
(2) مجموعة ورَّام، ابن أبي فراس، المجلد 1، ص 16؛ بحار الأنوار، المجلد 67،
ص 285، ح 8.
(3) جامع السعادات، النراقي، ج 2، ص128.
(4) موسوعة الإمام علي (عليه السلام)، ج 6، ص 58.
(5) تحف العقول، ابن شعبة، ص 240.
(6) الملهوف، ابن طاووس، ص 109، طبعة قم؛ الاحتجاج، الطبرسي، المجلد 1، ص 34؛ بحار الأنوار المجلسي، المجلد 45، ص 134، ح1.
(7) التكامل في الإسلام أحمد أمين المجلد الأول، ص230، بتصرف.