1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الأبناء :

أهمية اللعب وأثره على التربية

المؤلف:  السيد علي عاشور العاملي

المصدر:  تربية الجنين في رحم أمه

الجزء والصفحة:  ص351ــ358

2024-12-22

97

حت الإسلام كثيراً على إعطاء الأولاد وقتاً للعب والراحة وأن يقوم الوالدان بأنفسهما بهذا الدور، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان له صبي فليتصاب له(1).

وعن عبدالله بن الزبير قال: (أنا أحدثكم بأشبه أهله إليه وأحبهم إليه الحسن بن علي (عليه السلام)، رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته أو ظهره، فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل، ولقد رأيته يجيء وهو راكع، فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر)(2). 

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): ((قال والدي: والله لأصانع بعض ولدي وأجلسه عـلـى فخذي وأكثر له المحبة، وأكثر له الشكر، وإنّ الحق لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف إخوته))(3). 

فالطفل - خاصة في بداية حياته - يحتاج إلى لعب ولهو ليعيش طفولته ويتنعم بها، الشيء الذي يعطيه السعادة الآنية والراحة النفسية في المستقبل ليتدرّج في شؤون الحياة وينطلق من ثم الى مرحلة الشباب، على العكس ما لو حُرِمَ من طفولته، فإنّه يبقى يعيش عقدة الطفولة وفقدانه للسعادة ممّا يؤثر على مستقبله وتربيته لأولاده.

فينبغي للآباء والأمهات مداعبة وملاطفة أبنائهم وبناتهم، وممازحتهم والتصابي لهم.

ومعنى التصابي للأولاد أن يجعل الأب أو الأم نفسه بمرتبة الصغير فيفعل مع ابنه ما يفعله الصغار معهم ولا يعيب الإنسان ذلك مهما كان عمره وشأنه، فإن لنا أُسوة حسنة في رسول البشرية (صلى الله عليه وآله) الذي كان يتصابى لأولاده وأحفاده صلوات المصلين عليهم.

وعند التصابي للأولاد وملاطفتهم تحصل لدى الإنسان السعادة الحقيقية التي تملأ البيت سروراً وفرحاً وراحة بال وهدوء حال.

شاهد علمي 

وقد أكد علماء التربية هذه الحقيقة، يقول موريس تي يش: (يجب أن تسلكوا مع أولادكم كأصدقاء، أن تعملوا معهم، أن تشاركوهم في اللعب... أن تتحدثوا معهم بعبارات الود والصداقة... إنّ الفرد يجب أن يعرف كيف يجعل نفسه بمستوى الأطفال ويتكلم بلغة يفهمونها)(4).

وقيل: ((اللعب استعداد فطري عند الطفل يتم من خلاله التخلّص من الطاقة الزائدة وهو مقدمة للعمل الجدّي الهادف، وفيه يشعر الطفل بقدرته على التعامل مع الآخرين، وبمقدرته اللغوية والعقلية والجسدية، ومن خلاله يكتسب الطفل المعرفة الدقيقة بخصائص الأشياء التي تحيط به، فللعب فوائد متعددة للطفل وهو ضروري للطفل في هذه المرحلة والمرحلة التي تليها، فالطفل يتعلم عن طريق اللعب عادات التحكم في الذات والتعاون والثقة بالنفس... والألعاب تضفي على نفسيته البهجة والسرور وتنمي مواهبه وقدرته على الخلق والإبداع)(5).

ومن خلال اللعب يتحقق النمو النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للطفل... ويتعلم الطفل من خلاله المعايير الاجتماعية، وضبط الانفعالات والنظام والتعاون... ويُشبع حاجات الطفل مثل حب التملك... ويشعر الطفل بالمتعة ويعيش طفولته)(6).

فاللعب حاجة ضرورية للطفل، فلا يمكن أن نتصور أو نرى طفلاً لا يلعب، وحتى الأنبياء والصالحين فإنهم مرّوا في مرحلة اللعب وإن اختلفوا عن الآخرين في طريقة وأسلوب اللعب، ولذا جاءت الروايات لتؤكد على إشباع هذه الحاجة قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): ((دع ابنك يلعب سبع سنين....))(7).(8). يقول الدكتور سوك: (إننا يجب أن نترك للأطفال إدارة شؤون ألعــابـهـم حـتى يستطيعوا التعلّم منها... لا بد أن نترك له قيادة الأمر بنفسه، وأن يتبع ما يقوله له خياله، بهذا فقط تصبح اللعبة مفيدة، إنّها يجب ان تكون معلمة له، ولا بد أن يخضعها لأفكاره، وعندما يجد نفسه في حاجة إلى مساعدة أحد الوالدين لإدارة الكمية من المشاكل الطارئة مع لعبته ، فلا بد أن يساعده الوالدان)(9).

ويؤكد جميع علماء النفس والتربية على حرية الأطفال في اللعب إذا حاول الأطفال رسم برنامج خاص لهم في أعمالهم فلا تمنعوهم من ذلك، لأن مواصلة تطبيق خطة مرسومة دون وقوف العوائق في طريق ذلك عامل فعّال في تكون الشخصية عندهم)(10).

(فالطفل أثناء لعبه يعبر عن مشكلاته وصراعاته التي يعاني منها، ويسقط ما بنفسه من انفعالات تجاه الكبار على لعبه)(11).

انتبهوا لبناتكن؟

وعلى الأهل الحذر عند التربية خصوص البنات لما لهنّ من الأهمية في المجتمع كأمهات في المستقبل ولحساسيتهن ورقتهن الزائدة على الذكر، سواء في السن المبكر، وهو السن الذي تحتاج فيه البنت الى العطف والحنان والتصابي لها باللعب والى الرعاية الصحية والبيئية والمدرسية.

والبنت عادة تتوقع من والديها وخاصة من الأب العطف الزائد عن الشباب، وهذه لخصوصية في الإناث مع جانب صغير من الغنج والدلال في هذا السن المبكر.

ومن هنا لا بأس بتحقيق رغبة البنات في هذا الدلال بترجمته بالعطف والحنان المدروسين استجابة لرغبتها، أو بتخصيصها بهدية معينة بين فترة وأُخرى، بشرط أن لا يثير ذلك حساسية المشاعر لدى بقية الإخوة مع مراعاة مبدأ الإنصاف والعدل داخل الأسرة.

أم كان في سن بداية النضوج، وهي بلوغ الفتيات سنّ التاسعة الى السابعة عشرة، وهنا الكلام تارة عن مرحلة البلوغ وأخرى عن مرحلة النضوج:

أما مرحلة البلوغ فيكفي من قبل الأب إشعار البنت حين البلوغ الشرعي أنها دخلت في مرحلة جديدة وأنه سوف يختلف التعامل معها عما كانت عليه، مع التأكيد على بقاء الحنان والعطف تجاهها إلا أنه سوف يكون مصحوباً في هذه المرحلة بالحجة والتأنيب المفيد.

نعم للأُم دور كبير وحساس في هذه المرحلة (البلوغ).

أما مرحلة النضوج وهو بعد سنّ الثالثة عشرة عند بعض الفتيات أو بعد سن الرابعة عشرة عند البعض الأخر، فهنا تحتاج البنت الى مراقبة حثيثة من قبل الأب ولو من قبل الأم بالأصالة والوكالة، خاصة فيما يتعلق بخروجها خارج المنزل وجلوسها مع صديقاتها ونوع المدرسة التي توضع فيها، والى مراقبة جلوسها على شاشة التلفزة وصفحات الأنترنت.

خروج البنات من المنزل

فعلى الأب معرفة كيفية خروج البنات الناضجات والى أين ومع من؟ حتى لو كان في النهار، وإذا استطاع منعها ليلاً فهو أفضل إلا للضرورة، هذا إذا كان الخروج منفرداً، أما مع أمها أو عماتها أو خالاتها أو محارمها فلا بأس به.

وليفهمها أن المنع ليس لعدم الثقة بها بل حفاظاً على سمعتها وعفتها وأن الناس لا ترحم الفتاة التي تخرج وحيدة كما تفعل اللواتي يتمشَّيْنَ على الطرقات (الكزدورة) وعند انتشار دعاية على فتاة ما فإنها تلحقها طيلة حياتها، وليضرب لها مثلاً عند الحوار معها منفردة أو ضمن جلسة عائلية وهو الأفضل عن سمعة بعض الفتيات التي لم تكن تبالي في أي وقت خرجت ومع من؟ وكيف أصبحت منبوذة في المجتمع وقلت لها فرص العمل الناجح والزواج المشرف؟

نعم على الأب وكذا الأم التعويض على البنات في مسألة الحد من الخروج، بأن ينظم لهنّ الخروج مع جميع أفراد العائلة في نزهة أو الى زيارة الأرحام بين فترة وأُخرى.

جلوس البنات مع صديقاتهن

فأيضاً على الأب أن يعلم عند خروج البنت من المنزل أو عند ذهابها الى المدرسة أو عند مرافقة صديقاتها الى نزهة أو رحلة مع مَنْ تجلس هل مع الفتيات أو مع الشباب؟.

وعند معرفته بخروجها مع من لا يحب أو لا يناسب وضعها الشرعي أو الاجتماعي، فعليه دراسة الحلول لذلك ولا يستعمل أسلوب الضرب ولا التهديد بمنعها من الخروج مباشرة، بل عليه توعيتها وتعريفها سلبيات الخروج غير المشرف أو الذي فيه شبهة على البنات كما ذكرنا في الأساليب الناجحة.

وليتساعد الأب مع الأم في ذلك ولكن في أوقات مختلفة لكي لا تفهم البنت أنهما متفقان عليها فيضعف التأثر لديها.

وإذا كان الأمر مهماً أو كانت المشكلة كبيرة ولم تقتنع البنت منهما، فلا بأس بالاستعانة ببعض صديقات البنت الواعين والمحافظين على السمعة والشرف فتذهب الأم سراً وتتكلم معهن من دون معرفة البنت وترشدهن الى فتح الموضوع مع ابنتها لتبيين خطورة ما قامت به على مستقبلها، وذلك بأسلوب مناسب وحنكة ومن دون إخبارها بأن أمها تحدثت معهن في ذلك، فإن ذلك أقرب وقعاً على البنت لأن البنت عادة تسمع من صديقاتها أكثر من غيرهن.

وإذا احتاج الأمر فليستعن الأهل بالأرحام فإن البنات عادة ما يكون لديهن ميل وأنس الى بعض العمات أو الخالات أو بناتهن فإن فعل ذلك يفيد في إقناعها.

ولتكن هذه المراقبة سرية الى حد ما من قبل الأب ومن دون معرفة إخوتها وأخواتها بل وبالتشاور مع أمها، كما عليه أن يكرر هذه المراقبة بين فترة وأخرى لأن هذا السن للفتيات سن حساس وحذر وخطير، وما ذكرناه هو من باب استقراء الاحتمالات القريبة والناجحة في إيصال الفتاة الى الهدف المرجو، ولا ندعي أن هذا هو كل الحلول ولعله يوجد من اساليب الإقناع ما يتناسب مع هذه الفتاة دون تلك.

نوع المدارس التي توضع فيهن البنات

وهنا ولأن بعض مجتمعاتنا غير إسلامية بالكامل فمدارسنا بعضها لديه منهج إسلامي كامل وبعضها جزئي وبعضها علماني وبعضها على غير الديانة الإسلامية فلا بد للأب من مراقبة الوضع بدقة وتحمل المسؤولية كاملة، ونقصد هنا بالمراقبة الأخلاقية بالأخص(12)، وأمّا في المدارس الدينية أو ذات المنهج الديني سوف تكون المراقبة أقل عناءً بالجملة منها في المدارس العلمانية أو غير الإسلامية، ولسنا بصدد القول بأنّ المدارس غير الإسلامية فيها الكثير من الإباحيات، كما لا نضمن كل من يجلس على المقاعد الدراسية في المدارس الإسلامية، لكن نحن نتكلم عن الفتيات وإرشادهن الى الآداب الإسلامية وثقافة أهل البيت (عليهم السلام) والالتزام بالحد الأدنى من الواجبات الإسلامية، ومما لا شك فيه أن في المدارس غير الإسلامية أو الإسلامية ذات الطابع العلماني يوجد بعض العادات والتقاليد المنافية للمروءة وللعفة، ولا أقل أنه لا يوجد فيها حافز ديني مشجع للفتيات على الالتزام به، بل نجد في بعض المدارس ذات المناهج التعليمية والتي تأخذ طابعاً منافياً للأخلاق كنشر الصور غير المحتشمة في بعض الكتب، أو نجد جواً سائداً في صفوف المدرسة المختلفة حيث تجلس البنات الى جانب الشباب على المقعد الواحد وكذلك حالة الاختلاط في الرحلات أو العمل الفني والمسرحي والى غير ذلك مما فيه عدة محاذير أخلاقية وسلوكية.

فعلى الأب تكليفه الشرعي - والى جانب الأُم - من مراقبة بناته بل إذا عـلـم بـعـدم استطاعته منع ابنته عن المشاركة في المشتبهات في الحد الأقل ناهيك عن ارتكاب المحرمات ـ مما يهدد أخلاقها وعفتها - فيجب عليه إخراجها من هذه المدارس التي لا تراعي الآداب العامة والأمور الأخلاقية حتى لو كانت المدارس شبه إسلامية، بل قــد يضطر إلى هذا الإجراء حتى في المدارس الإسلامية.

وقد أثبتت التجربة أن سنة واحدة في المدارس التي لا يوجد فيها رقابة أخلاقية للفتيات - حتى في الوقت القصير في داخل المدرسة كفترة الفرصة الصباحية - أن هذه المدة كافية في إفساد أخلاق البنت وفي ترك الأثر السيئ عـلـى حـيـاتـهـا حـتـى بـعـد زواجها، خاصة في السن الحساس للفتيات وهو 16 و 17 عشر.

ومهما كانت المدرسة تعطي للفتيات من العلوم العصرية والجامعية فإنها لا تساوي شيئاً أمام شرفها وعفتها، وعلى الأب كرب أسرة المسؤولية الأولى في ذلك، إضافة الى إدارة المدرسة.

إلا أنّا ما ذكرناه ليس قاعدة يبنى عليها ولذا يوجد من الفتيات وهنَّ كثيرات في مثل هكذا مدارس من ذوات الخلق الحسن والآداب والعفة، لأن وعيهن ووعي أهلهنَّ كان أقوى من عوامل الإفساد إلا أنه من حام حول الحمى أو شك أن يقع فيها، ولا أقل من أنّ هذا الصنف الناجح في نفسه سوف يعاني الكثير من الإحراجات في حين أن الاحتياط هو سبيل النجاة ولذا من الأفضل اختيار المدرسة اللائقة بعفة الفتاة ولياقتها.

نعم إن هذا الكلام كله من أجل الحفاظ على بناتنا في المجتمعات غير الإسلامية، ولسنا بصدد تصنيف الفتيات اللاتي يدرسن في مثل هذه المدارس ولا يسعنا إلا أن نقول خيراً في أخواتنا وبناتنا حتى لو درسن في المدارس المختلفة كما في الجامعات، وكل مرادنا هو التوجيه الى المصالح المضمونة النتائج بالنسبة الى الفتاة ومستقبلها مع الإمكان، لأن للنفس حدودها في القوة والشجاعة والصبر والتحمل، والله هـو المستعان على عواقب الأمور.

______________________

(1) انظر كنز العمال: 16 / 457 - 45413، وميزان الحكمة: 10 / 700.

(2) تاریخ دمشق: 13 / 176 ط. بيروت الأولى، والإصابة: 2 / 62 ط. دار إحياء التراث بيروت.

(3) مستدرك الوسائل، الحر العاملي: 12 / 626.

(4) الطفل بين الوراثة والتربية، الشيخ الفلسفي: 2 / 97.

(5) قاموس الطفل الطبي: 221 - 222.

(6) العلاج النفسي الجماعي للأطفال، لكاميليا عبد الفتاح: 162 - مكتبة النهضة المصرية 1975م.

(7) مكارم الأخلاق: 222.

(8) تربية الطفل في الإسلام: 74، مركز الرسالة، قم.

(9) مشاكل الآباء: 106.

(10) الطفل بين الوراثة والتربية 2: 64، عن كتاب نحن والأبناء 56.

(11) قاموس الطفل الطبي: 317.

(12) أما المراقبة الدراسية فهي مطلوبة للجميع ومن الجميع. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي