تصريحات الإمام الحسين عند وداعه مكة
المؤلف:
المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
المصدر:
أعلام الهداية
الجزء والصفحة:
ج 5، ص173-175
23-7-2022
2366
صدرت عن الإمام الحسين ( عليه السّلام ) عدّة تصريحات عندما كان يعتزم مغادرة مكة والتوجّه إلى العراق ، وكانت بعض هذه التصريحات تمثّل أجوبته ( عليه السّلام ) على من أشفق عليه أو من ندّد بخروجه ، وقد تمثّل خطابه للناس بصورة عامة ، فنذكر منها هنا :
1 - روى عبد اللّه بن عباس عن الإمام الحسين بشأن حركته نحو العراق قوله ( عليه السّلام ) : « واللّه لا يدعونني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا سلّط عليهم من يذلّهم حتى يكونوا أذلّ من فرم المرأة »[1].
2 - كان محمد بن الحنيفة في يثرب فلمّا علم بعزم الإمام ( عليه السّلام ) على الخروج إلى العراق توجّه إلى مكة ، وقد وصل إليها في الليلة التي أراد ( عليه السّلام ) الخروج في صبيحتها إلى العراق ، وقصده فور وصوله فبادره قائلا : « يا أخي إنّ أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك ، ويساورني خوف أن يكون حالك حال من مضى ، فإن أردت أن تقيم في الحرم فإنّك أعز من بالحرم وأمنعهم » .
فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) : « خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية ، فأكون الذي تستباح به حرمة هذا البيت » فقال محمد : « فإن خفت ذلك فسر إلى اليمن أو بعض نواحي البرّ فإنّك أمنع الناس به ، ولا يقدر عليك أحد » ، قال الحسين ( عليه السّلام ) : « أنظر فيما قلت » .
ولمّا كان وقت السحر بلغه شخوصه إلى العراق وكان يتوضّأ فبكى ، وأسرع محمد إلى أخيه فأخذ بزمام ناقته وقال له : « يا أخي ، ألم تعدني فيما سألتك ؟ » قال الإمام ( عليه السّلام ) : « بلى ولكنّي أتاني رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بعد ما فارقتك وقال لي :
يا حسين ، اخرج فإنّ اللّه شاء أن يراك قتيلا » ، فقال محمد : فما معنى حمل هؤلاء النساء والأطفال ، وأنت خارج على مثل هذا الحال ؟ فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) : « قد شاء اللّه أن يراهن سبايا »[2].
ولم يكن اصطحاب الحسين ( عليه السّلام ) لعيالاته حالة غريبة على المجتمع العربي والإسلامي ، فقد كان العرب يصطحبون نساءهم في الحروب وكذا فعل النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) في غزواته فقد كان يقرع بين نسائه ، أمّا بالنسبة إلى الإمام الحسين ( عليه السّلام ) فإنّ اصطحابه لعائلته في حركته إنّما كان لأجل أن يكون وجودها معه بمثابة حجّة قوية على المسلمين لنصرته ، فمن تولّى الحسين ( عليه السّلام ) ويسعى لنصرته والدفاع عنه فأولى له أن يدافع عنه وهو بين أهله . وإن اختلف مع الحسين ( عليه السّلام ) فما ذنب عيالاته وهنّ بنات النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) خاصة أنّ الخلاف بزعم الامويّين إنّما هو لأجل الخلافة .
3 - ذكر المؤرخون أنّ الإمام الحسين ( عليه السّلام ) لمّا أراد الخروج من مكة ألقى خطابا فيها ، جاء فيه : « خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخيّر لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأنّ منّي أكراشا جوفا وأجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضا اللّه رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين ، لن تشذّ عن رسول اللّه ( عليهم السّلام ) لحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، تقرّبهم عينه ، وينجزبهم وعده ، من كان باذلا فينا مهجته وموطّنا على لقاء اللّه نفسه فليرحل معنا ، فإنّي راحل مصبحا إن شاء اللّه تعالى »[3].
يبيّن الإمام الحسين ( عليه السّلام ) في هذه التصريحات أنّه مصمّم على عدم مبايعة يزيد ؛ قياما بتكليفه الإلهي ، موضحا سبب خروجه من مكة ، مخبرا عن المصير الذي ينتظره وأهل بيته جميعا ، داعيا إلى الالتحاق به من كان موطّنا على لقاء اللّه نفسه ، معلنا أنّ اللّه تعالى قرن رضاه برضا أهل البيت ( عليهم السّلام ) .
[1] الكامل في التأريخ : 4 / 39 .
[2] اللهوف على قتلى الطفوف : 27 ، وأعيان الشيعة : 1 / 592 ، وبحار الأنوار : 44 / 364 .
[3] إحقاق الحق : 11 / 598 ، وكشف الغمة : 2 / 204 .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة