المواجهة مع الزهراء ( عليها السّلام )
المؤلف:
المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
المصدر:
أعلام الهداية
الجزء والصفحة:
ج 3، ص165-166
16-5-2022
2572
ما كانت السيّدة فاطمة الزهراء تنتظر أن ترى في حياتها يوما كذلك اليوم ومأساة كتلك المأساة وإن كان أبوها ( صلّى اللّه عليه واله ) قد أخبرها بذلك ، ولكنّ السماع شيء والرؤية شيء آخر ، وتأثير المصيبة يختلف سماعا ورؤية ، إن كانت ( عليها السّلام ) سمعت من أبيها أنّ الأمور تنقلب عليها وأنّ الأحقاد سوف تظهر بعد وفاته ( صلّى اللّه عليه واله ) فإنّها قد شاهدت تلك الأحداث ، فقد هجم القوم على عرينها ليخرجوا زوجها من ذلك البيت الذي ما كان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يدخله إلّا بعد الاستئذان من فاطمة ( عليها السّلام ) .
كانت الزهراء تتذكّر كيف أنّ زينب بنت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) تجهّزت للّحوق بأبيها ، وخرجت من مكة على بعير لها وهي في الهودج ، فخرج في طلبها هبّار بن الأسود فروّعها بالرمح - وهي في الهودج - وكانت حاملا ، فلمّا رجعت طرحت ما في بطنها ، فلذلك أباح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يوم فتح مكة دم هبّار بن الأسود .
ترى ماذا سيقول رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) حين يرى القوم لا يرعون حرمة ولا كرامة لدار حبيبته الزهراء ؟ بل ولا هيبة ولا احتراما لبضعته حين يتجرّأ القوم فيضربونها ويروّعونها فيكون ذلك علة لسقوط جنينها ومرضها ثم وفاتها ؟ .
بالرغم من أنّ المواجهة التي حصلت في دار الزهراء ( عليها السّلام ) كانت لفترة قصيرة ووقعت في مكان محدود غير أنّ صداها بقي لأجيال وأجيال إلى يومنا هذا تشعر المرء بمرارة التعدّي والظلم الذي لحق بآل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ولمّا تنقض أيام معدودات على غياب الرسول الكريم ( صلّى اللّه عليه واله ) .
من هذه المواجهة نستطيع أن نلحظ بعض الجوانب التي تدلّ على شخصية الزهراء :
- أنّ الزهراء ( عليها السّلام ) هبّت للدفاع عن الوصي ، ووقفت خلف الباب بصلابة متناهية ، وخاطبت القوم بالحجّة البالغة عسى أن يرتدع الظالمون ، ولم تلتزم الصمت لأنّها صاحبة حقّ والمهاجمين غاصبون لحقّ الخلافة الشرعية .
- حينما أخرجوا عليا ( عليه السّلام ) راحت الزهراء ( عليها السّلام ) تدافع في موقع آخر ، فلحقت به لعلّها تمنعهم عنه رغم كلّ الآلام التي تعرّضت لها عند هجومهم على الدار ، لأنّه أصبح لديها حقّان : حقّ الدفاع عن الوصي والمطالبة بالخلافة ، وحقّ الظلامة التي جرت عليها من تعدّي القوم على حرمتها وهي ابنة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله )[1] وحين أعيتها الحيل والسبل ؛ انصرفت للدعاء عليهم صارخة مستغيثة باللّه ورسوله ( صلّى اللّه عليه واله ) على رؤوس الأشهاد . إنّ موقف الزهراء ( عليها السّلام ) سجّل اعتراضا صارخا واضحا لكلّ متتبّع للحقّ بأنّ الخلافة انحرفت عن مسارها الصحيح وأصحابها الشرعيين ، وقد أدّت دورها العظيم في محاولة إعادة حقّ الخلافة إلى صاحبها الشرعي الإمام عليّ ( عليه السّلام ) أو على أقل تقدير أعادت التجربة الإسلامية إلى مجراها الحقيقي عبر استنهاض الأمة وبثّ الوعي فيها وفضح المغتصبين للخلافة ، مع التأكيد على عدم أهليّتهم لتحمّل أعباء مسؤولية زعامة المسلمين ولم تزل الرسالة حديثة عهد بهم .
[1] فاطمة الزهراء ، إبراهيم الأميني : 123 .
الاكثر قراءة في شهادتها والأيام الأخيرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة