نتائج السقيفة
المؤلف:
المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
المصدر:
أعلام الهداية
الجزء والصفحة:
ج 2، ص130-131
24-4-2022
2473
نجح أبو بكر وحزبه في مواجهة الأنصار والأمويين ، وكسب الموقف بأن أصبح خليفة للمسلمين ، ولكنّ هذا النجاح جرّه إلى تناقض سياسي واضح ، لأنّه لم يملك في السقيفة من رصيد إلّا أن يجعلوا حجّتهم مبنيّة على أساس القرابة من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ومن ثمّ يقرّوا مذهب الوراثة للزعامة الدينية .
غير أنّ وجود بني هاشم كطرف معارض بدّل الوضع السياسي ، واحتجّت المعارضة على أبي بكر وحزبه بنفس حجّتهم على باقي الأطراف ، وهي إذا كانت قريش أولى برسول اللّه من سائر العرب فبنو هاشم أحقّ بالأمر من بقية قريش .
وهذا ما أعلنه الإمام عليّ ( عليه السّلام ) حين قال : إذا احتجّ المهاجرون بالقرب من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) كانت الحجّة لنا على المهاجرين بذلك قائمة ، فإن فلجت حجّتهم كانت لنا دونهم ، وإلّا فالأنصار على دعوتهم .
وأوضحه العباس في حديث له مع أبي بكر إذ قال له : وأمّا قولك نحن شجرة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) فإنكم جيرانها ونحن أغصانها[1].
فالإمام عليّ ( عليه السّلام ) كان مصدر رعب ورهب في نفوس الفائزين في لعبة السقيفة وسدّا منيعا إزاء رغباتهم وطموحاتهم ، وكان بإمكانه أن يستغلّ النفعيّين - وما أكثرهم ! - والذين يميلون مع كلّ ريح وينعقون مع كلّ ناعق والذين يعرضون أصواتهم ومواقفهم رخيصة في الأسواق السياسية ، وأن يشبع نهمهم ممّا خلّفه الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) من الخمس وغلّات أراضي المدينة ونتاج « فدك » التي كانت تدرّ بالخيرات ، إلّا أنّه ( عليه السّلام ) أبى عن كلّ ذلك لكمال شخصيّته وسموّ منزلته ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر كان بوسعه ( عليه السّلام ) أن يتحرّك محتجّا أمام أرباب السقيفة بمبدأ القرابة الذي يعدّ ورقة رابحة بيده حتى ألمح لذلك بقوله ( عليه السّلام ) : « احتجوّا بالشجرة وأضاعوا الثمرة » . وكان السواد الأعظم من الناس يقدّسون أهل البيت ويحترمونهم لذلك السبب ، وبالتالي سيدفع السلطة الحاكمة إلى أزمة سياسية حرجة لا مخرج منها ، بيد أنّه ( عليه السّلام ) كان أسمى من ذلك وأجلّ ، حيث قدّم ( عليه السّلام ) المصلحة الإسلامية العليا على كلّ المصالح الخاصة .
ولتلافي احتمال تحرّك الإمام على هذا المسار تردّدت السلطة بين موقفين :
أوّلا : أن لا تقرّ للقرابة بشأن في الخلافة ، وهذا معناه نزع الثوب الشرعي عن خلافة أبي بكر الذي تقمّصه يوم السقيفة .
ثانيا : أن تناقض السلطة الحاكمة نفسها وإصرارها على مبادئها التي أعلنتها في السقيفة مقابل بقيّة الأطراف ، فلا ترى أيّ حق للهاشميّين في السلطة وهم أقرب الناس إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، أو تراه لهم ، ولكن في غير ذلك الظرف الذي يكون معنى المعارضة مقابلة حكم قائم ووضع قد تعاقد عليه الناس .
وكان الخيار الثاني هو خيار السلطة[2].
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 6 / 5 .
[2] راجع تفصيل ذلك في « فدك في التأريخ » للشهيد الصدر : 84 - 96 ، وتأريخ الطبري : 2 / 449 و 450 ( أحداث السقيفة ) .
الاكثر قراءة في حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة