1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الجاهلي :

ما هو الشعر؟

المؤلف:  جرجي زيدان

المصدر:  تاريخ آداب اللغة العربية

الجزء والصفحة:  ج1، ص53-54

22-03-2015

8502

الشعر من الفنون الجميلة التي يسميها العرب الآداب الرفيعة، وهي الحفر والرسم والموسيقى والشعر. ومرجعها الى تصوير جمال الطبيعة. فالحفر يصورها بارزة، والرسم يصورها مسطحة بالأشكال والخطوات والألوان، والشعر يصورها بالخيال ويعبر عن اعجابنا بها وارتياحنا اليها بالألفاظ .. فهو لغة النفس او هو صور ظاهرة لحقائق غير ظاهرة. والموسيقى كالشعر .. هو يعبر عن جمال الطبيعة بالألفاظ والمعاني، وهي تعبر عنه بالانغام والألحان، وكلاهما في الاصل شيء واحد.

هذا هو تعريف الشعر في حقيقته، ولكن علماء العروض من العرب يريدون بالشعر الكلام المقفى الموزون فيحصرون حدوده بالألفاظ، وهو تعريف للنظم لا للشعر .. وبينهما فرق كبير، اذ قد يكون الرجل شاعرا ولا يحسن النظم، وقد يكون ناظما وليس في نظمه شعر .. وان كان الوزن والقافية يزيدان الشعر طلاوة ووقعا في النفس، فالنظم هو القالب الذي يسبك فيه الشعر، ويجوز سبكه في النثر.

وقد تقدم ابن خلدون خطوة أخرى في تعريف الشعر، فقال: (الشعر هو الكلام المبني على الاستعارة والأوصاف، المفصل بأجزاء متفقة في الوزن والروي مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة به) فهو يجعل التقفية والوزن من شروط الشعر، ويشترط أيضاً استقلال كل بيت منها بغرضه. وهو تقييد لا باعث له اذ قد ترى في الكلام المنثور معاني تؤثر في نفسك تأثير الشعر، وذلك كثير في كلامهم، والحكم فيه للذوق. ومن أصعب الأمور ان نعرف الشعر ونجعل له حدودا جامعة مانعة، كما نعرف الصرف او النحو او الفلك او غيرها من العلوم والآداب. ولكنك إذا قرأت قولا فيه خيال شعري، تعرفت الشاعرية فيه وشعرت بلذة ذلك التعرف وطربت له، وقد يكون ذلك النثر قولا وانما أطربك ما فيه من أساليب الكناية او الاستعارة .. فاذا سبكته في قالب شعري زاد رونقا وطلاوة، فاذا غنيته على توقيع الألحان زدت طربا به. فالوزن يزيد الشعر طلاوة من قبيل التوقيع الموسيقي في الألفاظ والحركات لا من قبيل المعنى.

فاذا قرأنا لبعضهم نثراً يصف به ذهوله في الحب، فيقول: (إذا جئت دار الحبيب ليلا لحاجة لي التمسها، فلا ادخل الدار حتى أنسى ما جئت له) فهذا معنى شعري ترتاح إليه النفس، لكن ارتياحا يكون أكثر إذا نظم ذلك المعنى شعراً كقول المجنون:

فيا ليل كم من حاجة لي مهمة     إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا

ويكون وقعه في النفس اشد إذا غنى على لحن مطرب.

وعلى ذلك فيدخل في الشعر كثير من أقوال العرب التي نعدها من قبيل الأمثال او الحكم المأثورة المبنية على الكناية كقولهم: المرء بأصغريه لا ببرديه، وعاد الأمر الى نصابه، وصاحت عصافير بطنه، ونحو ذلك.

فالشعر بالمعنى لا بالوزن والقافية .. وقد رأينا بعض متقدمي العرب يرون هذا الرأي في تعريف الشعر، فقد قال بعضهم: (الشعر كلام وأجوده أشعره) (1) ولم يقيده بالوزن ولا القافية. وقال آخر: (الشعر شيء تجيش به صدورنا، فتقذفه على ألسنتنا) (2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)     الأغاني ج18، ج21

(2)     البيان والتبيين ج2

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي